تتباغضون... " (1).
إن أصحاب المقاعد الأولى أساءوا أبلغ إساءة إلى الفتوحات. ومن لطف الله تعالى أن عامة المسلمين من التجار وغيرهم، والعديد من العلماء الأفاضل، كانوا الصورة النقية التي عبرت عن الإسلام في البلاد المفتوحة. أما أصحاب المقاعد الأولى الذين لا فقه لهم فيقول عنهم النبي صلى الله عليه وسلم: " إنه سيفتح لكم مشارق الأرض ومغاربها، وإن عمالها في النار، إلا من اتقى الله وأدى الأمانة " (2). وللأمانة تعاريف طويلة وعريضة، وأما علماء السوء الذين اتخذوا الفتوحات وغيرها تجارة يقول فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: " ويل لأمتي من علماء السوء، يتخذون هذا العلم تجارة، يبيعونها من أمراء زمانهم ربحا لأنفسهم، لا أربح الله تجارتهم " (3).
إن الذين وضعوا بني أمية في دائرة مناقب الفتوحات، لم يصيبوا الحق في رأينا، لأن بني أمية دخلوا هذه الأبواب من طريق أضاعوا فيه الصلاة، واتبعوا الشهوات، فجاءت الفتن المقروءة والمسموعة وغير ذلك. ثم كيف يوضعوا في دائرة المناقب هذه في الوقت الذي ضاعت فيه الأمانة؟ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا ضيعت الأمانة فانتظروا الساعة. وقيل: يا رسول الله: كيف أضاعتها؟ قال: إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة (4). ولما كان إسناد الأمر إلى غير أهله بهذه الأهمية، فكان لا بد أن يبين لهم من هم أهله هؤلاء، ولقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قد بين ذلك في أكثر من موضع (5). ومن