معالم الفتن - سعيد أيوب - ج ٢ - الصفحة ٢١٢
للمنافق يا سيدنا فقد أغضب ربه (1). وقال: " لا تقولوا للمنافق سيدنا، فإنه إن يكن سيدكم فقد أسخطتم ربكم " (2). وفي هذا دليل أن المنهج يظهر المنافق وإلا فكيف سيعرفونه؟.
لقد ضاعت الصلاة عندما تم التعتيم على العلم وتشويه حملته، إن الله تعالى يقول: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير) (3)، قال المفسرون: تدل الآية على انقسام المؤمنين إلى طائفتين: مؤمن ومؤمن عالم ومن المحفوظ أن المؤمن العالم أفضل بقوله تعالى: (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) (4)، وقالوا: وبما أن المؤمن العالم أفضل، فإن ما ذكر من رفع الدرجات في الآية مخصوص بالذين أوتوا العلم. ويبقى لسائر المؤمنين من الرفع، الرفع درجة واحدة، ويكون التقدير أن الله يرفع الذين آمنوا درجة. ويرفع الذين أوتوا العلم درجات.
فإذا كان طريق بني أمية قد أضاع الصلاة فهل تكون أعلامهم في دائرة الذين أوتوا العلم؟ وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: " لكل قوم سادة، حتى أن للنحل سادة " (5)، فهل بني أمية سادة المؤمنين أو سادة الذين أوتوا العلم؟ وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: " إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يترك عالما، اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسألوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا " (6). فهل علماء بني أمية قبضوا؟ كيف وهم على سدة الحكم وأبواب المساجد مفتوحة لهم، ولهم المدارس والمعاهد والدواوين؟ فإذا كان ذلك كذلك، فلماذا ضيعوا الصلاة واعتمدوا عقائد المرجئة، وسارت السياسة المالية تحت أعلامهم بالوقود البيزنطي؟

(1) رواه الحاكم والبيهقي (كنز العمال 170 / 1).
(2) رواه أحمد وأبو داود والنسائي (كنز العمال 170 / 1).
(3) سورة المجادلة: الآية 11.
(4) سورة الزمر: الآية 9.
(5) أبو يعلى (كنز العمال 88 / 6).
(6) رواه مسلم (الصحيح 224 / 16) وأحمد (الفتح الرباني 181 / 1).
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»
الفهرست