والنبي صلى الله عليه وسلم وهو يخبر عن الافتراق، أمر الجيل الأول بأن يأخذ بالأسباب لدفع الافتراق والاختلاف لأن من حكمة الوجود أن الله ينظر لعباده، ليرى كيف يعملون وفقا لمساحة الاختيار التي وهبها إياهم.
فعن أنس أن معاذا قال: يا رسول الله. أرأيت إن كان علينا أمراء لا يستنون بسنتك، ولا يأخذون بأمرك، فما تأمرني في أمرهم؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمن لم يطع الله عز وجل (1)، وعن عمران بن حصين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. " لا طاعة في معصية الله تبارك وتعالى " (2)، وعلى هذا يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد ساق الناس إلى الصراط المستقيم أولا، ثم أخبرهم بالافتراق وماذا يفعلون ثانيا، ثم أمرهم بالأخذ بالأسباب ثالثا، ولا حجة لهم بعد ذلك كله.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل، كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده. فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض. ثم تلى قوله تعالى: (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى بن مريم...)، ثم قال:
كلا والله لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، لتأخذن على يدي الظالم، ولتأطرنه على الحق أطرا (3)، ولتقصرنه على الحق قصرا، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض، ثم ليلعنكم كما لعنهم " (4)، ولا حجة لهم بعد هذا.
وجاء معاوية بن أبي سفيان، وجعل سب الإمام علي سنة، جاء معاوية على طريق الاختلاف. ولو لم يكن الاختلاف قد وقع، ما جاء معاوية. ولكن الله