بعلمه المطلق علم أن عباده سيختلفون فعاقبهم ببني أمية وكان قد حذرهم منهم.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ما اختلفت أمة بعد نبيها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها " (1). إن الله تعالى ذم الاختلاف في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، فإذا وقع الاختلاف فلا بد من عقوبة يتذوقها الغالب الأعم. وأهل الحق لا يضرهم من ناوأهم أو من خذلهم أو من عاداهم، فهذا قانون الوجود. ومن يقف تحت مظلة الاختلاف فعليه أن يستقبل أبواب كل شئ، وهذا أيضا من قانون الوجود. يقول الصادق الأمين صلى الله عليه وآله وسلم: " إن الله تبارك وتعالى إذا أراد بقوم بقاء أو نماء، رزقهم القصد والعفاف.
وإذا أراد بقوم اقتطاعا، فتح لهم أو فتح عليهم باب خيانة " حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون. فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين " (2).
لقد جاء معاوية بعد أن اختلف الناس، وليس صحيحا أن معاوية جاء نتيجة لاجتماع الناس، فهو نفسه القائل لابنة عثمان: " يا بنت أخي إن الناس أعطونا سلطاننا فأظهرنا لهم حلما تحته غضب، وأظهروا لنا طاعة. تحتها حقد، فبعناهم هذا بهذا، وباعونا هذا بهذا... ومع كل إنسان منهم شيعة، وهو يرى مكان شيعته. فإن نكثناهم نكثوا بنا، ثم لا ندري أتكون لنا الدائرة أم علينا " (3)، ثم إن أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخبر بالغيب عن ربه جل وعلا، وأيضا حركة التاريخ. كل ذلك يثبت أن معاوية جاء على رقعة خلاف وليس على عصبة اجتماع. فمعاوية دخل من طريق كان الرجل فيه يلقى أخاه فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك. ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده. في الوقت الذي يحذر فيه النبي صلى الله عليه وسلم ويقول:
" يهلك أمتي هذا الحي من قريش ". قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله، قال: لو أن