تترك شتم علي وذمه والترحم على عثمان والاستغفار له. والعيب لأصحاب علي والإقصاء لهم. والإطراء بشيعة عثمان والإدناء لهم " (1). فهذه الوصية التي رواها صاحب الكامل هي إجمالي ما رواه ابن أبي الحديد من قبل. وبدأت عملية السب، روى الطبراني بسند صحيح أن عمرو بن العاص صعد المنبر، فذكر عليا ووقع فيه، ثم صعد المغيرة بن شعبة، ووقع في علي، وكان الحسن بن علي بالمسجد. فقيل له اصعد. فقال: لا أصعد ولا أتكلم حتى تعطوني إن قلت حقا أن تصدقوني، وإن قلت باطلا أن تكذبوني، فأعطوه، فصعد المنبر فحمد الله وأثني عليه ثم قال: أنشدك بالله يا عمرو ويا مغيرة. ألا تعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله السابق والراكب أحدهما فلان، قالا اللهم بلى. قال: أنشدك الله يا معاوية ويا مغيرة، ألا تعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعن عمرو بن العاص بكل قافية قالها لعنة، قالا: اللهم بلى. قال: أنشدك يا عمرو ويا معاوية، ألا تعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن قوم هذا قالا: بلى، فقال الحسن: فإني أحمد الله الذي وقعتم فيه تبرأ من هذا (2).
وهذا الحديث يحتاج إلى تفسير. فأما قوله: " لعن الله السابق والراكب.
أحدهما فلان " فيقصد بذلك معاوية كما روى البغوي (3) وقوله: " أن رسول الله لعن عمرو بن العاص بكل قافية قالها لعنة ". فلقد روي أن الذين كانوا يهجون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من مشركي مكة: أبو سفيان بن الحارث، وعبد الله بن الزيعري، وعمر بن العاص، وضرار بن الخطاب (4)، وكان أشدهم عمرو بن العاص وروي أن رسول الله قال: " اللهم إن عمرو بن العاص هجاني وهو يعلم أني لست بشاعر، فاهجه والعنه عدد ما