بالدين، ويقرؤون القرآن وتقف تلاوتهم عند أنيابهم ولا تعلم قلوبهم عنها شيئا.
فهؤلاء اصطفوا وراء شيطان من شياطين الجن. وأنفس أمارة بالسوء تمنطق أصحابها بجلود آدمية. ولقد روى الإمام مسلم: إن الشيطان ليتمثل في صورة الرجل فيأتي القوم فيحدثهم بالحديث من الكذب فيتفرقون، فيقول الرجل منهم:
سمعت رجلا أعرف وجهه ولا أدري ما اسمه يحدث (1). وروى ابن عساكر:
سيكون بعدي أئمة لا يهتدون بهديي ولا يستنون بسنتي، وسيقوم رجال قلوبهم قلوب شياطين في جثمان إنس " (2).
إن أتباع اللا شعور واللا دعوة عبدوا كل شئ حتى ذواتهم. فاهتموا بصورهم واشتغلوا بها ولم يفقهوا قول النبي صلى الله عليه وآله: " إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم " (3). ولقد استهدف الشيطان قلوبهم حتى أنهم لم يجدوا حرجا في تكفير أمير المؤمنين الذي هو من النبي بمنزلة هارون من موسى إلى النبوة، ولم يترك الشيطان لهم إلا ما على جلودهم وهي المساحة التي لا ينظر الله إليها.
وهذا الصنف من الناس لم يستأصل في موقعة النهروان، وإنما توجد لهم بصمات على امتداد التاريخ روي أنه لما قتل الخوارج قيل لأمير المؤمنين: هلك القوم بأجمعهم، فقال: كلا والله إنهم نطف في أصلاب الرجال وقرارات النساء، كلما نجم منهم قرن قطع، حتى يكون آخرهم لصوصا سلابين. وروي عن النبي صلى الله عليه وآله قال: " لا يزالوا يخرجون حتى يخرج آخرهم من الدجال " (4)، وهكذا استقر بهم المطاف. لقد التقطهم الدجال أعظم الفتن منذ ذرأ الله ذرية آدم، وهذا عدل الله. إنهم رفضوا أمير المؤمنين عند المقدمة. فرفضهم الطهر عند الخاتمة. لأنهم رجس لا ينبغي أن يناموا إلا عند دجال ليزيدهم الله رجسا