على نفسي بالكفر. لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين. ثم انصرف عنهم (1).
واصطف الفريقان، ورفع أبو أيوب الأنصاري راية الأمان ونادى: من جاء هذه الراية منكم ممن لم يقتل ولم يستعرض فهو آمن. ومن انصرف منكم إلى الكوفة أو إلى المدائن وخرج من هذه الجماعة فهو آمن. وعندما سمعوا النداء انصرف بعضهم إلى الكوفة والبعض الآخر إلى الدسكرة وخرج منهم إلى علي نحو من مائة (2). وأمر علي بأن يكفوا عنهم حتى يبدؤهم (3)، ورمى الخوارج بالسهم الأول ونادوا الرواح الرواح إلى الجنة وشدوا على الناس والخيل (4).
وبدأ الخوارج يتساقطون حول الرابية التي أخبر النبي صلى الله عليه وآله بأنهم يقتلون عندها، وقتل قادتهم وعلى رأسهم عبد الله بن وهب الراسبي (5)، وفي نهاية المعركة خرج علي بن أبي طالب يطلب من أصحابه أن يبحثوا له عن ذي الثدية بين القتلى ووصفه لهم. فقال بعضهم: ما نجده. فقال أمير المؤمنين:
والله ما كذبت ولا كذبت اذهبوا فابحثوا عنه، فوجدوه على الوصف الذي وصفه علي (6)، في حفرة على شاطئ النهر في أربعين أو خمسين قتيلا، فلما استخرج نظر إلى عضده فإذا لحم مجتمع على منكبه كثدي المرأة. له حلمة عليها شعيرات سود، فإذا مدت امتدت حتى تحاذي طول يده الأخرى، ثم تترك فتعود إلى منكبه كثدي المرأة. فلما استخرج قال علي: الله أكبر والله ما كذبت ولا كذبت، أما والله لولا أن تنكلوا عن العمل. لأخبرتكم بما قضى الله على لسان نبيه صلى الله عليه وآله لمن قاتلهم مستبصرا في قتالهم. عارفا للحق الذي نحن