عز وجل به أمر هذه الأمة فقال عمرو: صدق وبر أبو موسى. تقدم فتكلم.
فتقدم أبو موسى ليتكلم فقال له ابن عباس: ويحك والله إني لأظنه قد خدعك. إن كنتما قد اتفقتما على أمر فقدمه فليتكلم بذلك الأمر قبلك. ثم تكلم أنت بعده فإن عمرا رجل غادر ولا آمن أن يكون قد أعطاك الرضا فيما بينك وبينه. فإذا قمت في الناس خالفك. وكان أبو موسى مغفلا فقال: إنا قد اتفقنا.
فتقدم أبو موسى ثم قال: أيها الناس إنا قد نظرنا في أمر هذه الأمة. فلو نر أصلح لأمرها. ولا ألم لشعثها من أمر قد أجمع رأيي ورأي عمرو عليه وهو أن تخلع عليا ومعاوية وتستقبل هذه الأمة هذا الأمر فيولوا منهم من أحبوا عليهم وإني قد خلعت عليا ومعاوية... وأقبل عمرو بن العاص فقام مقامه وقال: إن هذا قد قال ما سمعتم وخلع صاحبه وأنا أخلع صاحبه كما خلعه وأثبت صاحبي معاوية. فإنه ولي عثمان بن عفان، والطالب بدمه وأحق الناس بمقامه (1) - وفي رواية - وأن أبا موسى قد كتب في الصحيفة أن عثمان قتل مظلوما وأن لوليه سلطانا أن يطلب بدمه حيث كان. وقد صحب معاوية رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه. وصحب أبوه النبي صلى الله عليه وسلم. وأن معاوية هو الخليفة علينا. وله طاعتنا وبيعتنا على الطلب بدم عثمان.
فقال أبو موسى: كذب عمرو. لم نستخلف معاوية. ولكنا خلعنا معاوية وعليا معا، وقال عمرو: بل كذب عبد الله بن قيس، قد خلع عليا ولم أخلع معاوية (2). فقال أبو موسى: ما لك لا وفقك الله غدرت وفجرت إنما مثلك (كمثل الحمار يحمل أسفارا) (3)، فقال له عمرو: بل إياك يلعن الله. كذبت وغدرت. إنما مثلك مثل (الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث) (4)، ثم