وإيضاعهم (1) إلى العمى والجهل. فإنما هم أهل دنيا مقبلون عليها، ومهطعون (2) إليها. قد عرفوا العدل ورأوه، وسمعوه ووعوه. وعلموا أن الناس عندنا في الحق أسوة، فهربوا إلى الآثرة (3). فبعدا وسحقا (4). إنهم والله لم يفروا من جور، ولم يلحقوا بعدل. وإنا لنطمع في هذا الأمر أن يذلل الله لنا صعبه، ويسهل لنا حزنه، إن شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته (5).
وروي أنه لما رأت طائفة من أصحابه ما يفعله معاوية من بذل الأموال لأصحابه والمنقطعين إليه، وتفضيل بعضهم على بعض في العطاء قالوا: يا أمير المؤمنين. إن عامة الناس أصحاب دنيا لها يسعون وفيها يكدحون، فلو أعطيت من هذا المال، وفضلت الأشراف من العرب وقريشا على الموالي، ومن تخاف خلافه وفراقه، حتى إذا استتب لك ما تريد عدت إلى أحسن ما كنت عليه من العدل في الرعية والقسم بالسوية. فقال الإمام: أتأمروني أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه؟ والله لا اطور به (6) ما سمر سمير (7)، وما أم نجم في السماء نجما (8). ولو كان المال لي لسويت بينهم، فكيف وإنما لمال مال الله؟ ثم. قال:
ألا وإن إعطاء المال في غير حقه تبذير وإسراف. وهو يرفع صاحبه في الدنيا، ويضعه في الآخرة، ويكرمه في الناس، ويهينه عند الله... " (9).
إن المقتول لا يجامل أحدا، المقتول حجة ومهمته هي مهمة الحجة، قال فيه النبي صلى الله عليه وآله: " من أحب عليا فقد أحبني. ومن أحبني فقد