يستيقظ (1)، وأقرب بقوم من الجهل بالله قائدهم معاوية ومؤدبهم ابن النابغة (2).
لقد أخبرهم بأنهم يتثاقلون إلى الأرض وهم تريكة الإسلام وبقية الناس.
وبين لهم ما هم فيه حيث العدل في العطاء، وتلقي العلم النافع من مصادره النقية، وكان من نتيجة ذلك ظهور ما كانت عقولهم وأذهانهم تنفر عنه من الأمور الدينية، وبعد معرفتهم هذا اعتقدوه، وأخبرهم أنه فعل معهم ما يقتضي حصول الاعتقادات الحقيقية. ولكن أفعالهم تدل على أن الهوى والعصبية والإصرار على اللجاج صفحات عليا في ساحتهم.
ومما لا شك فيه أن بذرة التخاذل وضعت عند رفع المصاحف. فبعد قتل عمار بن ياسر تلقى أهل الشام ضربات قوية ليلة الهرير. وكان الأشتر وقواته على أعتاب خيمة معاوية وفي هذا الوقت رفعت المصاحف ودخل التخاذل عن هذا الباب، وبعد ذلك رأينا الذين أضروا على التحكيم هم أنفسهم الذين قاتلوا عليا لسيره في طريق التحكيم، والعجيب إنهم خرجوا بمقولة طالما روج لها معاوية، لقد أجازوا الخلافة لكل العرب ولكل مسلم ولو كان عبدا حبشيا، ما دامت شروط الإمامة متوفرة فيه. باختصار: بعد رفع المصاحف وضع البيض كله في سلة معاوية. فالخوارج وإن كانت جرائمهم الظاهرة هي القتل والتخريب، إلا أن عقيدتهم قبل رفع المصاحف لم تكن بحال هي نفس العقيدة بعد ذلك. وأغلب الظن أنهم عندما خالفوا الإمام وهددوه بالقتل إذا لم يقبل التحكيم وأن ذي الثدية بدأ يعمل في هذا الوقت بالذات. ثم وضع لمساته على اعتقاداتهم بعد ذلك.
لتلتقي هذه اللمسات مع لمسات الذين سيتخذون دين الله دغلا تحت إذاعة واحدة وإعلام واحد، مما ساعد إلى حد كبير في التخاذل عن أمير المؤمنين.
إن علماء الأمة أقروا أحاديث تقول بأن ذي الثدية كان شيطان الردهة، وأقروا أحاديث تذم بني أمية وأنهم ملوك من شر الملوك. وعقيدة الخوارج في