صلى الله عليه وسلم: يوشك أن يجئ قوم يقرؤن القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، طوبى لمن قتلهم وطوبى لمن قتلوه، أما إنهم سيخرجون بأرض قومك يا يمامي يقاتلون بين الأنهار، قال قلت: بأبي أنت وأمي ما بها أنهار قال: إنها ستكون (1).
وهكذا أخبر النبي صلى الله عليه وآله بهذه الأنماط البشرية. أخبر بمجيئهم وقتالهم بين الأنهار في وقت لم يكن هناك وجود للأنهار، ثم دل علي بن أبي طالب على رابية في هذه الأرض وأخبره بأنهم عندها يقتلون. إنه الإخبار بالغيب عن الله، الإخبار بخطوات الشيطان قبل أن تظهر آثارها على الأرض. إن الإخبار بالغيب حصار للشيطان وانتصار للإنسان، ولكن أكثر الناس لا يعقلون. وروي أن أمير المؤمنين عندما أتى أهل النهروان وقف عليهم فقال: أيتها العصابة التي أخرجها عداوة المراء واللجاجة، وصدها عن الحق والهوى، وطمح بها النزق، وأصبحت في اللبس والخطب العظيم. إني نذير لكم أن تصبحوا تلفيكم الأمة غدا صرعى بأثناء هذا النهر، وبأهضام هذا الغائط، بغير بنية من ربكم ولا برهان بين. ألم تعلموا أني نهيتكم عن الحكومة، وأخبرتكم أن طلب القوم إياها منكم دهن ومكيدة لكم، ونبأتكم أن القوم ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، وإني أعرف بهم منكم، عرفتهم أطفالا ورجالا، فهم أهل المكر والغدر، وإنكم إن فارقتم رأيي جانبتم الحزم فعصيتموني حتى إذا أقررت بأن حكمت، فلما فعلت شرطت واستوثقت فأخذت على الحكمين إن يحييا ما أحيا القرآن وأن يميتا ما أمات القرآن، فاختلفا وخالفا حكم الكتاب والسنة. فنبذنا أمرهما ونحن على أمرنا الأول. فما الذي بكم ومن أين أتيتم؟ قالوا: إننا حكمنا فلما حكمنا أثمنا وكنا بذلك كافرين، وقد تبنا فإن تبت كما تبنا فنحن معك. وإن أبيت فاعتزلنا فإنا منابذوك على سواء إن الله لا يحب الخائنين.
فقال أمير المؤمنين: أصابكم حاصب ولا بقي منكم وابر. أبعد إيماني برسول الله صلى الله عليه وسلم وهجرتي معه وجهادي في سبيل الله. أشهد