وعليها علامات التزيين والإغواء. لتدخل إلى عالم الاحتناك والاستسلام. وحركة الإمام بعد عملية رفع المصاحف كانت تدور حول الرفض. ولكن القوم هددوه إذ لم يقبل التحكيم فسيترتب على ذلك أمور. ثم اختار القوم أبو موسى الأشعري، ورفض الإمام هذا الاختيار. ولكنهم أجاروا عليه. هذا كان الإمام حجة على معسكره. وبدخول عمرو بن العاص وكتابة صحيفة الاتفاق بين أهل الشام وأهل العراق كان الإمام حجة على المعسكرين. وبصدور قرارات التحكيم كان الإمام حجة على الأمة. وحجج الإمام على الجميع تستند على حقيقة واحدة هي أصل الحقائق كلها " إحياء ما أحيا القرآن وإماتة ما أمات القرآن "، فعندما خرج للقتال بعد بيعته تحرك على محور هذه الحقيقة. وعندما رفع أهل الشام المصاحف رفض خدعتهم لأنها تستهدف هذه الحقيقة، ووصف رؤوسهم بأنهم ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، وعندما جاء عمرو وأبو موسى للاتفاق على التحكيم قال لهما: " فإن لم تحكما بما في كتاب الله فلا حكومة لكما ". لقد كان يأخذ الجميع إلى ساحة القرآن ويضع في أعناقهم أعظم حجة منذ ذرأ الله ذرية آدم. وهذا في رأينا أعظم انتصار لإمام المتقين. قد يكون خصومه قد بسطوا أيديهم على التراب. ولكن وبالتأكيد لن يروا لهذا التراب أي فائدة. يوم يقف التابع والمتبوع أمام عظمة الله جل وعلا.
وبعد التحكيم الذي كان الإمام يعلم نتيجته، وذلك وفقا لإخبار النبي صلى الله عليه وسلم. بدأ الإمام يحث الناس على القتال. لم يحثهم على قتال الحكمين، وإنما على قتال البغاة، فالحكمين سقط حكمهما عند الإمام بمجرد إعلانه لأنه اشترط. إذا لم يحكما بكتاب الله فلا حكومة. لقد حث الجميع على قتال القاسطين بعد أن تمت مهمته في إقامة حجته على أفراد بعينهم وأقوام بعينهم. كان له رغبة في أن يلتقي بهم أمام الله وحده. وعندما ساق الله إليه الأحداث والتقى بهم، وضعهم في دائرة القرآن وحده هو الحكم فيها. ثم جلس بعد ذلك ينادي معسكره كي يأخذ بالأسباب كما أخذ بها عمار وابن صوحان وابن بديل وابن عامر القرني وغيرهم. وكان يحذر إلا أن أخوف الفتن عليكم فتنة بني أمية. كان يريد منهم أن يطفئوا بريقها، ولكن تقاعس منهم من