معالم الفتن - سعيد أيوب - ج ٢ - الصفحة ١١٣
الرجلين - أي عمرو وأبو موسى - فرحل حتى دخل على أبي موسى كالزائر له.
فقال: يا أبا موسى. ما تقول فيمن اعتزل هذا الأمر وكره الدماء - وكان المغيرة مقيما بالطائف ولم يشهد الحرب - قال: أولئك خير الناس، خفت ظهورهم من دمائهم وخمصت بطونهم من أموالهم. ثم ذهب المغيرة إلى عمرو. فقال: يا أبا عبد الله، ما تقول فيمن اعتزل هذا الأمر وكره الدماء، قال: أولئك شرارة الناس لم يعرفوا حقا ولم ينكروا باطلا. فرجع المغيرة إلى معاوية فقال له: قد ذقت الرجلين. أما أبو موسى فخالع صاحبه وجاعلها لرجل لم يشهد هذا الأمر، وهواه في عبد الله بن عمر، وأما عمرو بن العاص، فهو صاحبك الذي تعرف.
وقد ظن الناس أنه يرومها لنفسه. وأنه لا يرى أنك أحق بهذا الأمر منه (1).
لم يكن ابن العاص يمثل أي مشكلة لمعاوية، وإنما الذي كان يهم معاوية هو معرفة خامات أبي موسى الأشعري. وبعد أن تذوق المغيرة الخامات وأخبر بها معاوية، بدأت السياسة الأموية تعمل من أجل الوصول إلى أهدافها.
وروي: لما أراد أبو موسى المسير إلى دومة الجندل وهو المكان الذي اتفق ليكون مقرا للتحكيم. قال له ابن عباس: إن عليا لم يرض بك حكما لفضل عندك، والمتقدمون عليك كثير، وإن الناس أبوا غيرك، وإني لأظن ذلك لشر يراد بهم. وقد ضم داهية العرب معك - يعني عمرو - إن نسيت فلا تنسى أن عليا بايعه الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان. وليس فيه خصلة تباعده من الخلافة.
وليس في معاوية خصلة تقربه من الخلافة (2). وقال له: واعلم يا أبا موسى أن معاوية طليق الإسلام، وأن أباه رأس الأحزاب، وأنه يدعي الخلافة من غير مشورة ولا بيعة، فإن زعم لك أن عمر وعثمان استعملا فلقد صدق، استعمله عمر وهو الوالي عليه. بمنزلة الطبيب يحميه ما يشتهي ويوجره ما يكره. ثم استعمله عثمان برأي عمر، وما أكثر من استعملا ممن لم يدع الخلافة. واعلم أن لعمرو مع كل شئ يسرك خبيثا يسؤوك. ومهما نسيت فلا تنسى أن عليا بايعه.

(1) ابن أبي الحديد 449 / 2.
(2) مروج الذهب 439 / 2.
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 معارك الامام أولا - يوم الجمل 1 - الناكثون في البصرة 7
2 2 - مسير الإمام علي 12
3 3 - على أعتاب الحرب 22
4 4 - الحرب 28
5 ثانيا - أيام صفين 1 - إقامة الحجة 42
6 2 - معاوية وسياسة التشكيك 45
7 3 - الاعلام العلوي 59
8 4 - الاصطفاف للقتال 70
9 القتال 76
10 6 - مشاهد من ميدان القتال 85
11 7 - عندما اتخذوا المصاحف جدارا 100
12 ثالثا - التخاذل وغياب القمر 1 - خيمة التحكيم 112
13 2 - قتال المارقين 120
14 3 - التخاذل 128
15 4 - غارات معاوية 140
16 5 - ليلة بكى فيها القمر 145
17 6 - وغاب القمر 149
18 7 - لهيب الليل 155
19 جداول الدماء أولا - عاصفة الأمطار الحمضية 1 - بيعة الحسن بن علي 167
20 2 - القتال بالذهب والفضة 171
21 3 - الغدر 177
22 4 - وفاء وحقائق على الطريق 181
23 5 - نظرات في مقعد جديد 189
24 6 - اتهام الأمين 191
25 7 - إئتمان الخائن 204
26 ثانيا - دماء حول كهف النفاق 1 - قلوب من نحاس 218
27 2 - مقتل حجر بن عدي 220
28 3 - هل رأيت آية النار 226
29 4 - مقتل أبي عبد الله الحسين 231
30 أولا - وجاء وفد أغيلمة قريش 231
31 ثانيا - أبناؤنا خير من أبنائهم 236
32 ثالث - النبي صلى الله عليه وسلم يبكي 242
33 رابعا - على مفترق الطريق 251
34 خامسا - الرسائل والحصار 256
35 سادسا - العزيمة والاصرار 260
36 سابعا - التخويف والإرهاب 263
37 ثامنا - صمود على الطريق 270
38 تاسعا - وجاء الطغاة 279
39 عاشرا - القتلة واللصوص 287
40 إحدى عشر - سلام عليك أبا عبد الله 295
41 1 - صرخات الحسين 296
42 2 - والله إنه ليحزنني قتل الحسين 298
43 اثنى عشر - بكاء وأحداث: في دار أم سلمة رضي الله عنها 301
44 في دار عبد الله بن عباس 302
45 في قصر الامارة 303
46 في قصر الخلافة 306
47 الظهور والتشويه 309
48 نظرات على كربلاء 313
49 5 - الاستعباد 314
50 أولا - يوم الحرة أو يوم الأنصار 315
51 ثانيا - الوحل 323
52 1 - حركة عبد الله بن عمر بن الخطاب 335
53 2 - حركة أنس بن مالك 339
54 ما أشبه الليلة بالبارحة أولا - رياح الفرعونية 1 - تشابه القلوب 358
55 2 - دائرة الرؤية الفرعونية 362
56 نظرات على الأطلال أ - صدود وردود 379
57 ب - إفرازات فكرية 388
58 ج - من مقدمات الإفرازات الفكرية 416
59 ثانيا - آراء وشهود 1 - آراء 440
60 2 - الشهود 459