الدهر... وأن الساعة لن تقوم،... وأن الدنيا لن تذهب... حتى يبعث المهدي وهذه الصيغ الثلاث التي تؤكد بعضها، وتفسر بعضها، وتفصح عن أعلى درجات البيان ومراتب التأكيد تصب مجتمعة ومنفردة في خانة حتمية الظهور، وزيادة في التأكيد والبيان، وإفاضة للحجة الدامغة، وترسيخا للمعنى في القلوب يؤكد النبي، بأنه: (لو لم يبق من الدنيا إلا ليلة... أو من الدهر إلا يوم... أو لم يبق من الدنيا إلا يوم.... لبعث الله المهدي في تلك الليلة! ولملك المهدي تلك الليلة ولطول الله ذلك اليوم حتى يظهر المهدي ويملك). ارجع للنماذج الثمانية الآنفة وأعد قراءتها...
أهل السنة يعتقدون أن النبي ليس معصوما في كل شئ، ويقولون إنه يتحدث في الغضب والرضى، فلا ينبغي أن يحمل كل كلامه على محمل الجد وينسبون إلى النبي القول: (أنتم أعلم بشؤون دنياكم)، وينسبون إليه أمورا كثيرة، وقد وثقنا كل ذلك في كتابنا (المواجهة) والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام هو: (طالما أن الأمة بشقيها مجتمعة قد أجمعت وجزمت، بأن الأحاديث النبوية التي تحدثت عن حتمية ظهور الإمام المهدي المنتظر قد صدرت حتما من رسول الله، فهل يعقل أن تكون: (اجتهادا منه) أو تحليلا شخصيا منه صلى الله عليه وآله وسلم، أو أنها وحي إلهي!!!؟ (ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب...) (سورة طه، آية 62). كان رسول الله قبل أن يؤتى شرف النبوة يعرف بين قومه بالصادق، والصادق هو الذي لا يكذب، أفحين شرفه الله بالنبوة، وأمره أن يتبع ما يوحى إليه (يجتهد) في ما لا علم له به، أو يحلل تحليلات شخصية تحتمل الصدق والكذب!!!! ثم ما هي حاجته للاجتهادات والتحليلات الشخصية وعنده الوحي!!! ثم كيف يجتهد ويحلل ويضمن الصواب في حوادث تقع بعد عشرات القرون!!! إن رسول الله أجل وأرفع وأعظم مما يصفون، وما ردنا على تجديفهم الآثم إلا حشرا لهم، وإقامة للحجة العقلية عليهم كأنهم لم يقرأوا كتاب الله:
(ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين) (سورة الحاقة، الآيات: 44 - 45 - 46) ويبقى المعقول والمنطقي الوحيد المنسجم مع صدق النبي وقربه من الله أنه صلى الله عليه وآله وسلم قد تلقى معلومة حتمية ظهور.