القناعة في قلوب سامعيه عالج الخط الخاص للرئاسة والمرجعية، فقدم الإمام علي بن أبي طالب عميد أهل بيت النبوة كرئيس ومرجع عام للأمة من بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم، وكقائم مقامه، ومؤد عنه أحكام الدين، ثم نصبه وتوجه أمام الجميع، فبلغ بيانه المدى في هذين المجالين، وطوال الفترة التي سبقت الهجرة، والتي تلت الهجرة، والرسول يتلقى التوجيهات الإلهية للأسلوب الواجب اعتماده بتقديم أهل بيت النبوة عامة، وتقديم الأئمة الذين سيلون الأمر من بعده خاصة، حتى إذا ما اكتمل البيان النبوي المتعلق بهاتين الناحيتين أمر الله رسوله بأن ينصب أول من سيخلفه وهو الإمام علي، وأن يأخذ له البيعة أثناء حياته من المسلمين، وهكذا فعل الرسول في غدير خم، والإمام علي وأهل بيت النبوة، والخاصة من المؤمنين، كانوا يعرفون بأن الرسول قد أعلن بأن الأئمة من بعده اثنا عشر أولهم علي، وثانيهم الحسن، وثالثهم الحسين، وتسعة من ولد الحسين سماهم الرسول بأسمائهم قبل أن يلدوا (1)، ومن المحال عقلا أن يعمل الرسول مثل هذه الأعمال، أو أن يرتب مثل هذه الترتيبات الخطيرة دون موافقة وتوجيه إلهي سابق، والدال على وجود التوجيه التأكيدات الإلهية القاطعة بأن الرسول يتبع ما يوحى إليه من ربه، ثم إنه بعد أن نصب الرسول الإمام عليا وتوجه في غدير خم نزلت آية الاكمال، وهذا يعني بأن العناية الإلهية توجه وتراقب بدقة متناهية، خطوات الرسول في هذا المجال.
(٩٦)