ولكن رواه مسلمون!! وهنالك احتمال أن يكون صحيحا كله أو بعضه ثم إن الأمانة تقضي أن يكتبوا ما يرويه المسلمون عن رسول الله، كان دورهم مقتصرا على كتابة وتدوين ما يروى من سنة الرسول، حسب زعم الرواة!!
كان لبعض العلماء موازينهم الخاصة للصحة التي يزنون بها الأحاديث التي يكتبونها، ومع هذا كانوا يحفظون أو يحتفظون بالأحاديث التي يعتقدون أنها غير صحيحة.
وكان البعض من العلماء يحذفون من هذه المرويات ما يرونه مناسبا، مثال على ذلك فقد روى نصر بن مزاحم في كتابه " صفين "، والمسعودي في كتابه " مروج الذهب " النص الكامل لرسالة محمد بن أبي بكر لمعاوية التي أبرزت بعض فضائل الإمام علي، وجانبا من تاريخ معاوية المظلم، وبعض إساءات الخلفاء للإمام علي، إلا أن الطبري قد حذف الجزء الأعظم من مضامين هذه الرسالة، معللا ذلك بأن العامة لا تحتمل سماع ما حذفه، وجاء من بعده ابن كثير فذكر رسالة محمد بن أبي بكر، ولم يشر إلى كلمة مما ورد فيها واكتفى بالقول بأن " فيه غلظة " (1) وأحيانا كانوا يبدلون كلمة بكلمة، فالطبري وابن الأثير أبدلا كلمتي " وصيي وخليفتي الواردتين في حديث رسول الله بقولهما " كذا وكذا " (2).
بعد أن جمع العلماء هذا الكم الهائل من الأحاديث المنسوبة إلى رسول الله ودونوها في كتب خاصة، أنصب هدفهم على معرفة الصحيح من غير الصحيح، وما صدر عن الرسول بالفعل، وما تقوله الرواة عليه!! كانت هذه هي المشكلة الكبرى التي واجهت العلماء خاصة، والمسلمين عامة، وما زالت تواجههم إلى اليوم لأن الموازين التي وضعها العلماء كانت ثمرة معارف واجتهادات شخصية، تأثرت حتما بميول العلماء وثقافاتهم وتربيتهم