علما بدرهم " (1) وكانوا يروون عن رسول الله قوله: " أكتبوا هذا العلم فإنكم ستنتفعون به إما في دنياكم وإما في آخرتكم وأن العلم لا يضيع صاحبه " (2).
وعندما آلت الخلافة إلى الإمام علي، كانت فرصة أمامه لإثبات فساد سياسة منع كتابة ورواية سنة الرسول، ولأن هذه السياسة قد تمكنت من نفوس العامة، واعتبروها جزءا من سنة الخلفاء، فقد تعددت أساليب الإمام بمقاومتها فكان يحث المسلمين على الرواية والكتابة في كل شئ، وفي سنة الرسول خاصة، وأحيانا كان يلجأ إلى أسلوب المناشدة، كقوله سألت الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله يقول في غدير خم: " من كنت مولاه فهذا علي مولاه " أن يقم فيقوم العشر والعشرون والقلة والكثرة، وبهذا الأسلوب تمكن الإمام من إعادة الاهتمام بسنة رسول الله ومن تقويض الأسس التي قامت عليها سياسة منع وكتابة ورواية سنة الرسول، كما فضح الغاية التي توخاها الخلفاء من سياسة منع كتابة ورواية سنة الرسول، وكان لخطبه ودروسه ومواعظه، أبلغ الأثر في نسف القناعات التي أوجدها الخلفاء، وإعادة الاعتبار للقناعات الشرعية التي وضعها رسول الله، وحاول الخلفاء طمسها، وكان الإمام يملي على الراغبين بالكتابة الأصول الأساسية في مختلف العلوم الشرعية والإنسانية، على سبيل المثال التعليقة النحوية التي ألقاها الإمام إلى أبي الأسود الدؤلي (3)، ولعبت كتب الإمام وعهوده إلى ولاته، وتوجيهاته لهم دورا عظيما باستجلاء معالم الشرعية التي حاولوا طمسها منها على سبيل المثال عهده للأشتر النخعي (4).