وقال ابن عبد البر: " إن عمر إنما نهى عن الحديث عما لا يفيد حكما ولا يكون سنة " (1) جاء علقمة بكتاب من مكة أو اليمن " صحيفة فيها أحاديث في أهل البيت " قال فاستأذنا على عبد الله فدخلنا عليه قال فدفعنا إليه الصحية، قال فدعا الجارية ثم دعا بطست فيها ماء، فقلنا يا أبا عبد الرحمن أنظر فيها، فإن فيها أحاديثا حسانا فجعل يميثها فيها ويقول:
(نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القران) " القلوب أوعية، فاشغلوها بالقرآن ولا تشغلوها ما سواه " (2).
لقد كان معاوية واضحا في هذه الناحية كل الوضوح فقد حدد الغاية من منع كتابة ورواية الرسول وهي صد الناس عن الإمام علي وأهل بيت النبوة حتى لا يكتشف الناس بأن معاوية وطواقمه غاصبون ما ليس لهم، وقد عالجنا هذا الموضوع في الفصول السابقة.
أحيانا تتفق بعض نصوص سنة الرسول مع ما تهوى أنفس الخلفاء، أو مع توجهاتهم فيمسكون بسنة الرسول، ويعضوا عليها بالنواجذ ويعتبرون الرسول معصوما، ولا ينطق عن الهوى!!! فحتى لو كان النص غير صحيح، أو غير ثابت، فإنهم يتركون القرآن ويتبعون سنة الرسول، عندما أرادوا أن يحرموا أهل بيت النبوة من تركة الرسول، روى راو واحد بأن رسول الله قد قال: " إن الأنبياء لا يورثون " (3) عندئذ تمسك الخليفة الأول بسنة الرسول، ومع أنه هو الذي أمر الناس بأن لا يحدثوا عن رسول الله شيئا وأن يقول لمن يسأل عن شئ بيننا وبينكم كتاب الله، إلا أن الخليفة قد استمات بالدفاع عن سنة الرسول فقالت له الزهراء: (وورث سليمان داود)، وكلاهما نبي (يرثني ويرث من آل يعقوب) وهو نبي، وقالت: (وأولوا الأرحام .