3 - افتعال اجتماع سقيفة بني ساعدة: في وقت يطول أو يقصر سيكتشف المسلمون بأن اجتماع سقيفة بني ساعدة كان مفتعلا وقد حوله الانقلابيون من مجرد اجتماع لزوار عند مريض إلى اجتماع سياسي وقد أثبتنا ذلك (1) فسعد بن عبادة كان مريضا بالإجماع، وقاعد على فراش المرض في منزله المجاور لسقيفة بني ساعدة، ولأن سعد سيد الخزرج بلا كلام فمن الطبيعي أن تأتي وجوه الخزرج لعيادته والاطمئنان على صحته، ومن الطبيعي أن يتعرض الزوار في حديثهم العادي لوفاة الرسول، والفراغ الذي سيتركه، وفجأة حضرت الأوس المتفقة مع قادة الانقلاب، والمحصورة مهمتها بمبايعة الخليفة في اللحظة المناسبة عند ترشيحه من قبل قادة الانقلاب، وليس في حضور الأوس أو جزء كبير منهم أو حتى مجموعة من الأوس لزيارة سعد بن عبادة ما يثير الريبة، فسعد مريض وعيادة المريض وزيارته مرغوبة في الجاهلية والإسلام، وهذه الزيارة من حيث الظاهر مبادرة نبيلة من الأوس. لقد جلس الجميع واطمأنوا على صحة المريض سعد بن عبادة ومن غير المستبعد أن الجميع قد تطرقوا إلى عصر ما بعد النبوة، ويجمع المؤرخون أن الحضور قد قالوا لسعد بن عبادة أن الأمر لك، فما كنت فاعلا فلن نعصي لك أمرا، بمعنى أن سعد بن عبادة يتولى توجيه الأنصار إلى ما يمكن عمله وكيف يتم ذلك، وليس المقصود تولية سعد خليفة على المسلمين، فلو أن المقصود تولية الخلافة لسعد لبايعه الحاضرون خليفة، ولوضعوا المسلمين تحت أمر واقع كما فعل الانقلابيون!! لكن سعد لا يقبل ذلك، ولا يقبل الخزرج ذلك ولا تقبل الأوس ذلك أيضا، لأن الأنصار كانت تعرف أن الرسول قد استخلف الإمام علي بن أبي طالب، وطوال عهد الرسول المبارك وهو يؤكد هذه الحقيقة وقبل شهرين من وفاته نصبه الرسول وتوجه إماما للمسلمين في غدير خم وبايعه المسلمون وقدموا له التهاني بحضور الرسول، كأن مسألة خلافة النبي محسومة ومعروفة
(٢١٧)