وأجرى المفاوضات مع زعامة بطون قريش وفق التوجيه الإلهي، ولما تعثرت المفاوضات في البداية وأشيع بأن رسل النبي إلى زعامة بطون قريش قد قتلوا أمر الرسول مناديا ينادي في أصحابه (بأن روح القدس قد نزل عليه وأمر البيعة، فاخرجوا على اسم الله فبايعوا) (1) وهذا يعني بأن الله يوجه نبيه خطوة خطوة نحو الهدف العظيم، وإن جبريل الأمين كان إلى جانب النبي بتلك اللحظات العظيمة التي تنتظر ولادة الحدث الأعظم!!
وبالنتيجة تمت كتابة الصلح، ووقعه الطرفان، وتم أمر الله، وقد فهم الجميع أن الصلح قد تم بتوجيه إلهي، حيث قال الرسول للجميع: (إني رسول الله ولست أعصيه) (2) وقال أبو بكر مخاطبا عمر (أيها الرجل إنه لرسول الله وليس يعصي ربه وهو ناصره) (3).
وبالرغم من كل ذلك فإن عمر بن الخطاب اعتبر هذا الصلح الذي رضي به الله ورسوله (دنية) في الدين وأخذ يرد على الرسول أمام الحاضرين، والرسول يقول له: (يا عمر إني رضيت وتأبى) (4)!! وحاول عمر بن الخطاب أن يقنع الحاضرين بأن الصلح الذي ارتضاه الله ورسوله (دنية) في (الدين) ليفرضوا على الرسول إلغاء الصلح والرجوع عنه!! وهذا معنى قول عمر: (لو وجدت أعوانا لما أعطيت الدنية في ديني) أي أنه يريد أعوانا يقفون معه ضد النبي نفسه!! وحاول عمر أن يحرض الناس ضد الصلح وأن يحرضهم بعدم الاستجابة للرسول، وهذا معنى قول عمر:
(فعملت لذلك أعمالا) واضطر النبي أن يكشف بعض جوانب شخصية عمر، وأن يظهره على حقيقته، فأقبل الرسول على عمر وقال: (أنسيتم يوم