الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٧٣٧
- لا تكشف رسالة بطرس الأولى عن أي معرفة مباشرة ليسوع في حياته على الأرض، كما تصفه لنا الأناجيل، ولم يتكلم الكاتب إلا كلاما مجملا على آلام المسيح وموته. وهو يغفل إغفالا تاما معاني أساسية من تعليم يسوع: " ملكوت الله " و " ابن الإنسان "، على سبيل المثال. لو كان كاتب الرسالة بطرس وهو تلميذ قريب جدا من يسوع، أما كان تكلم على وجه آخر؟ أما كان ذكر ذكرا أوضح الخبرة التي اكتسبها لعيشه بجانب معلمه؟ يرد على ذلك بالاستشهاد بسلسلة من فقرات الرسالة تعكس أقوالا فاه بها يسوع (1 / 8 ويو 20 / 29 و 2 / 2 ومر 10 / 15 وما يوازيها و 2 / 12 ومتى 5 / 16 و 2 / 23 ومتى 5 / 39 و 3 / 9 ولو 3 / 14 ومتى 5 / 10 لو 5 / 3 ويو 13 / 15 - 17 وراجع 2 / 25 ومتى 9 / 30). يضاف إلى ذلك أن العديد من هذه الأقوال مأخوذ من نصوص متصلة اتصالا مباشرا بشخص بطرس (على سبيل المثال، 5 / 2 ويو 21 / 15 - 17 و 1 / 4 و 13 ولو 12 / 33 و 35 و 41). ولقد ألح لعهد قريب في ما لموضوع العبد المتألم من شأن في الرسالة. هذا الموضوع، الذي يعود أصله إلى سفر أشعيا (52 / 13 - 53 / 12)، ظاهر في كل من الأناجيل (لو 22 / 37 واش 53 / 12) وفي خطب بطرس (رسل 3 / 13 و 26 وراجع 4 / 27 - 30) وفي هذه الرسالة (2 / 21 - 25). أجل، لا ينبغي أن يبالغ في المغزى الحقيقي لمثل وجوه الشبه هذه، لأن مجموعات لأقوال يسوع راجت في وقت مبكر في الكنيسة، ولكنها تثبت لنا في كل حال أن البرهان المعول فيه على خلو الرسالة من ذكريات مباشرة ليسوع في حياته على الأرض برهان قابل للجدل الكثير في صحته.
- يقال إن في الرسالة تلميحا إلى الاضطهادات الرسمية الأولى العامة (لا المحلية فحسب) التي لا يمكن تحديد تاريخها قبل عهد الإمبراطور دوميثيانس (من 81 إلى 96 م)، أي بعد موت بطرس بوقت كثير (4 / 12 و 5 / 9).
هذا الرأي أيضا قابل للشك فيه. يجب على المرء أن يلاحظ، قبل كل شئ، أن التفكير الذي تعكسه الرسالة يختلف كثيرا عن الفكر الذي في سفر الرؤيا، وفيه تظهر الدولة المضطهدة على نحو واضح. ولا شئ من ذلك في رسالة بطرس الأولى التي لا تزال تعلم الخضوع للسلطات، كما تعلمه الرسالة إلى أهل رومة (1 بط 2 / 13 - 17 وروم 13 / 1 - 7)، وهي تذكر على الخصوص ما لها من عمل إيجابي (2 / 14). يضاف إلى ذلك أن الرسالة لا تستعمل الاصطلاحات كالاضطهاد، ولا الاصطلاحات من دعوى ومحكمة وشكوى، بل تستعمل ألفاظا لاهوتية، كالتجربة والآلام التي تعاني ظلما في سبيل البر. لا شك أن المراد بذلك الكلام هو المضايقات والانتقادات والتهكمات وسوء المعاملة والوشاية والنقمة التي أنزلها بالمسيحيين منذ البدء مواطنوهم الوثنيون أو أبناء دينهم الأولون.
ولا يحول هذا الأمر البتة دون أن تنسب الرسالة إلى زمن على شئ من القدم، فيه كان لا يزال بطرس حيا.
وقصارى القول أن ما ورد في الرسالة والتقليد لا تطعن فيه طعنا حاسما الاعتراضات المذكورة أعلاه. من الممكن إذا القول أن بطرس أنشأ الرسالة حقا، ولربما استعان بسلوانس (وسلوانس هو الصيغة اللاتينية لسيلا الوارد في سفر أعمال الرسل (15 / 22 و 40 و 18 / 5 وراجع 2 قور 1 / 19).
(٧٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 732 733 734 735 736 737 738 739 740 741 742 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة