الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٧٤٠
التواضع والتيقظ: 5 / 5 - 11.
الخاتمة: 5 / 12 - 14.
[الحياة المسيحية بحسب رسالة بطرس الأولى] كثيرا ما أغفل ما لرسالة بطرس الأولى من قيمة خاصة، في حين أن هذه القيمة تظهر ظهورا واضحا، حالما ينظر إلى الحالة التي استهدفتها الرسالة. فلم يكن شأن كاتبها أن يضع قواعد الإيمان، وقد لقنها القراء الذين خاطبهم في رسالته (1 / 12)، بل كان شأنه بالأحرى أن يحث الجماعات التي كانت تواجه مصاعب تتفاقم على الثبات، معتمدة على الرجاء الذي بشرت به. ولذلك دعا الرسول قراءه إلى رفع أنظارهم نحو المسيح، لكي يدركوا (أو يستعيدوا إدراكهم) ما فيه من قدرة على منح الحياة الجديدة (1 / 3 و 2 / 2). يضاف إليه أنه ألح في ما للرجاء الممنوح من صفة الانتصار، وهو ينبوع نشاط مستمر بهيج في الحياة يوما بعد يوم.
أ) التأصل في عمل المسيح: إن الكاتب على يقين من أن الله اختار في المسيح قراء رسالته، فأصبحوا من شعبه (1 / 2 و 2 / 9). وقد أراد مع ذلك أن يسير بهم إلى تأصل أعمق في العمل الذي أتمه معلمهم. وهذا ما عناه لما ذكرهم بذبيحة المسيح (1 / 2 و 1 / 19) وآلامه (2 / 21 - 24)، ومراده أن يقتفوا آثاره (2 / 21). وكذلك ألح في كلامه على انتصار المسيح، وهو انتصار يمتد إلى جميع دوائر الكون (3 / 18 - 22)، لا يقف الموت نفسه عقبة في سبيله (4 / 6). فعلى المؤمنين أن يبقوا من بعد اليوم مرتبطين بذلك الذي هو حجر الزاوية، والركن الركين للجماعة (2 / 4 - 8).
نذكر أن مسيحانية الرسالة هي أقرب إلى المسيحانية التي عرضت في أول أعمال الرسل (وعلى الخصوص في خطب بطرس) منها إلى المسيحانية عند بولس (راجع موضوع عبد الله المتألم، بحسب الشواهد الواردة أعلاه ودور المعمودية: رسل 2 / 38 - 40 و 1 بط 3 / 21 وراجع أيضا رسل 2 / 31 و 1 بط 3 / 18). وجدير بالذكر أيضا أن في الرسالة صدى عدة شهادات إيمانية وأناشيد للجماعة المسيحية (راجع على سبيل المثال 2 / 22 - 24 و 3 / 22 و 4 / 5).
ب) الرجاء الحي: إن موضوع الرجاء هام منذ أول الرسالة (1 / 3 و 13 و 21). ينظر إلى هذا الرجاء من جهة مصدره وهدفه ونتائجه. أما من جهة مصدره، فهو ليس ثمر مخيلة الناس أو جهودهم، بل هبة مجانية وهبها الله لهم بقيامة يسوع من بين الأموات (1 / 3) (ويلاحظ الرباط الوثيق الذي يربط القيامة بتحقيق الخلاص: 1 / 2 و 3 / 21). أما من جهة هدفه، فإنه يقصد إلى الملكوت الآتي، إلى الميراث البرئ من الفساد، المضمون للمؤمنين، إلى الساعة التي فيها يتحول الإيمان إلى المشاهدة والتي فيها ينال شعب الله، على وجه تام مطلق، الخلاص الذي يمنح في يسوع المسيح (1 / 4 و 7 و 13). أما من جهة نتائج الرجاء من أجل حياة المؤمنين الحاضرة، فإنه أبعد من أن يكون على مثال الرجل المتصلب أو المستكين المستسلم. فهو، على نحو ما، القوة الدافعة في سيرة جديدة (1 / 13 - 15). ويمكن المؤمنين من الجهاد بفرح (1 / 6)، لا على رغم ما يصيبهم من المحنة
(٧٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 735 736 737 738 739 740 741 742 743 744 745 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة