الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٦٣٨
- ثم يأتي زمن الارتداد عن الدين، حتى يظهر، في الوقت المحدد، امرؤ يقال له الملحد، وهو مسيح دجال حقيقي، سيكون أشبه بتجسيد لقوى الشر كلها. والمعجزات والأعاجيب التي يجريها ستتم تضليل الذين لم يتقبلوا الحق (2 / 10). وستحمله كبرياؤه على أن يظهر نفسه أنه إله ويجلس في الهيكل.
وإذا لم يكن هذا الملحد قد أتى يوم كتبت هذه الرسالة فلأن أمرا ما وشيئا ما لا يزالان يعوقانه (2 / 6 - 7)، من غير أن نعرف معرفة دقيقة من يشار إليه بذلك. لا شك أن الذين كتبت إليهم الرسالة يفهمون هذا التلميح. فمن الواضح، على كل حال في نظر الكاتب، أن هناك مهلة غير محدودة منوطة بهذا العائق الغامض، ولا تزال تفصل بين الوقت الذي فيه يكتب والوقت الذي يظهر فيه الملحد قدرته الشيطانية علانية.
- ولن يظهر الرب في حينه إلا بعد مجئ ذلك الملحد، وعندئذ يبيده. فالذين في تسالونيقي يعتقدون أن لهم أن يعيشوا كما لو كان يوم الرب قد حضر. نسوا تعليم الرسول (2 / 3)، وهم في الضلال، لأنهم أخلدوا إلى الطمأنينة قبل وقتها. وهم يخطأون إذ يكفون أنفسهم مؤونة كفاح الأزمنة الأخيرة واضطراباتها. إن المعركة سيشتد وطيسها قبل ظفر المسيح في النهاية، وسيكون السهر والفطنة ضرورين أكثر منهما في كل وقت آخر. أجل، لقد دعا الإنجيل المسيحيين إلى مشاركة المسيح في مجده (2 / 4)، ولكن هناك، قبل المجد، الاضطهاد والعذاب (1 / 4 - 5)، ولا يمكن تجاوزهما إلا بالتقدم في المحبة والإيمان والثبات.
فقد جعل لاقتراب النهاية حدود على نحو واضح، بالنظر إلى ما جاء في هذا الموضوع في الرسالة الأولى إلى أهل تسالونيقي. في رأي الرسالة الثانية أنه، لما كان الناس يعيشون أوائل الأزمنة التي ذكرت في الرؤى، وجبت مقاومة كل قلب فيه تسرع للنظام القائم في الجماعة والمجتمع (الامساك عن العمل). يجب الابتعاد عن الذين يريدون العيش في مظاهر ظفر لم يتحقق بعد، والكف عن كل مخالطة لهم، إذا اقتضى الأمر ذلك (3 / 4). إن الفصل الأخير للمأساة البشرية هو الذي سيبدل الأحوال. ولم يبلغ حتى اليوم الفصل قبل الأخير. وهكذا يرى أن الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيقي هي أول نص يستعمل هذه العبارات ليطرح المسألة التي ستعود المسيحية إلى طرحها على مر الأجيال، طالما ظلت تفكر في إيمانها ورجائها بأسلوب الرؤى.
إن كلا من الرسالتين إلى أهل تسالونيقي شهادة رئيسية في شأن الكنيسة القديمة ورجائها.
فخلوهما من الشرح العقائدي الطويل لا يجعل منهما مؤلفين قليلي الشأن. فإنهما، على ما فيهما من البساطة، تذكران جميع ما فيه الإيمان المشترك عند المسيحيين الأولين، وما اختبر المرسلون الأولون، أي حب الله الذي يدعو، وسيادة المسيح الذي تنتظر عودته برغبة شديدة، وعمل الروح القدس الفياض في كلمة البشارة وفي حياة الجماعات والتيقن من القيامة، والثبات في الاضطهاد، والمحبة الأخوية التي تجعل المسيحيين والجماعات متضامنين. فكيف لا يعود المسيحي كل حين إلى هذا الينبوع، وكيف لا يجد فيه دائما أبدا دعوة إلى أن يحيا في عصره بالرجاء نفسه وبالرغبة نفسها؟
(٦٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 633 634 635 636 637 638 639 640 641 642 643 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة