الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٦٣٤
رسالة بعث بها بولس بعد الأولى بقليل، ولكن، وإن كانت الرسالتان تحملان العنوان نفسه، وقد عدتهما الكنيسة القديمة رسالتين للرسول بولس، فهناك بعض الأسئلة في شأن صحة نسبة الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيقي. فلأن يكون في الرسالة الثانية نحو عشرة ألفاظ لم ترد في سائر ما كتب بولس مشكلة ليست ذات بال، فإن في الرسالة الأولى عددا أكبر منها. وأما إن بعض الألفاظ تستعمل في معنى غير المعنى الذي ترد فيه في سائر رسائل بولس، فليس في ذلك دلالة كافية لننفي صحة نسبة هذه الرسالة إلى بولس. ولكن العرض الدقيق للرسالتين إحداهما على الأخرى يؤدي إلى ملاحظتين أكثر شأنا:
1) وجوه الشبه الأدبية بين الرسالتين واضحة. ففي الفصول الثلاثة الأولى من الرسالة الثانية عبارات أو آيات برمتها تبدو مأخوذة من الرسالة الأولى، إذا استثني التعليم الخاص الوارد في 2 تس 2 / 1 - 2. وحسبنا، إذا أردنا تحقق الأمر، أن نضع هذه النصوص في عمودين متحاذيين:
1 تس 1 / 2 - 3 و 2 تس 1 / 3 1 تس 2 / 12 و 2 تس 1 / 5 1 تس 3 / 13 و 2 تس 1 / 7 1 تس 3 / 11 - 13 و 2 تس 2 / 16 - 17 1 تس 2 / 9 و 2 تس 3 / 8 1 تس 5 / 23 و 2 تس 3 / 16 1 تس 5 / 28 و 2 تس 3 / 18 كثيرا ما يحاول المفسرون حل مشكلة وجوه الشبه هذه بقولهم أن الرسالتين كلتيهما أمليتا في مدة قصيرة، الأمر الذي يوضح سبب ما بينهما من قرابة وثيقة. ولكن، إذا كان الوقت الذي يفصل بين إرسال الواحدة والأخرى بهذا القصر، وجب القول أن تطورا مفاجئا طرأ في تسالونيقي، في حين أنه ما من شئ في الرسالة الأولى يشير إلى احتمال حدوثه. فيعسر، والحالة هي هذه، أن يفسر كيف أن الرسول، وهو يخاطب الأشخاص أنفسهم خلال بضعة أسابيع، انتقل من لهجة كلها شغف وحماسة كالتي في الرسالة الأولى، إلى لهجة أكثر وقارا وإلى إنشاء معقد يدهش لهما القارئ.
2) إن تعليم الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيقي في أحداث آخر الأزمنة لا يشير إلى ما كتب في 1 تس 5 / 1 - 6 من أن يوم الرب سيأتي على نحو مفاجئ. وهذا الأمر غريب على قدر ما تعلم الرسالة الأولى إلى أهل تسالونيقي أن الناس سينتقلون من سلام ظاهر إلى الخراب، في حين أن الرسالة الثانية تصف تعاقب مراحل تاريخ البشر قبل تجلي المسيح في المجد. يمكن الرد على ذلك بأن أسلوب الرؤى ما انفك يمزج موضوعي مباغتة الحدث والعلامات المبشرة به، كما يظهر ذلك في النصوص الإنجيلية نفسها (مر 13 وما يوازيه في سائر الأناجيل). ولكن، إذا عرض لبولس أن يلقي تعليما يتناول فيه الأزمنة الأخيرة (1 تس 4 / 13 - 5 / 3 و 1 قور 15 / 20 - 24)، فإن هذا التعليم لا يدع مجالا لفترة يحدث فيها ارتداد عن الدين ومجئ مسيح دجال. ومن الواضح أن الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيقي
(٦٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 629 630 631 632 633 634 635 636 637 638 639 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة