خطاب إنسان عنده ما يقوله في الله، بل هو كلمة الله وتدخل الله بروح القدس لخير الذين سمعوا الرسول، وإيمان المؤمنين يظهر فاعليته (2 / 13).
سمى بولس هذه الكلمة " البشارة " (بشارة الله) فإن هذه الكلمة لا تدل إلا على بلاغ الرسل، على البشارة التي ذكر بها أهل قورنتس بعد قليل (1 قور 15 / 1 ت)، والتي قد يكون ما ورد في 1 تس 2 / 9 - 10 صيغة لها أكثر قدما. إن الرسول، بإعلانه قيامة يسوع، يصبح معاونا لله (3 / 2)، لأن الله يعمل بالروح القدس عملا قويا في صميم هذا الاعلان (1 / 5). وهكذا يتبين بولس حدثا مذهلا كتقبل كلمة الله " بسرور من الروح القدس " (1 / 6)، ضمن المحن والاضطهاد التي تصحب الإيمان بيسوع (2 / 14). ولا يقتصر هذا العمل على نشوء الجماعة المؤمنة، فإن المسيحيين الجدد، في غمار جميع المعارك والمحن الكثيرة التي تنتابهم، لا ينفكون يدعون إلى إيمان أكثر نشاطا، ومحبة أسخى عطاء، ورجاء لا تخور قواه.
وما معنى هذا سوى أن قدرة الله التي أقامت يسوع من بين الأموات تعمل الآن في البشارة الرسولية؟ ليست قيامة يسوع مجرد تعبير عن معنى سلم إلى يقين الرسول أو فنه الخطابي. فإن ما ينادي به، وهو قدرة الله التي تحيي بانتصارها على الموت، يظهر في ذلك العمل نفسه الذي يحول الوثنيين إلى عبادة الله الحي، لا بل هذه القدرة تجري فيهم ما أجرته في يسوع. ولذلك أطلق بولس العنان، على هذا النحو، لثقته وارتياحه ويقينه في الإيمان (3 / 7)، لا بل ذهب إلى حد أنه جعل من وجود جماعة تسالونيقي رجاءه وسروره وإكليل فخره لدى الرب يسوع يوم مجيئه (2 / 19). وأعلن في أحوال أخرى أنه لا يفتخر إلا بصليب سيدنا يسوع المسيح، أو يسوع المسيح فحسب (1 قور 5 / 7). ففي الرسالة الأولى إلى أهل تسالونيقي، يظهر لنا كيف أن الجماعة التي يعمل فيها المسيح هي والمسيح نفسه شئ واحد في رجاء بولس، وهو حاصل سالفا على شئ من المجد الذي ينتظره من الملكوت الآتي (2 / 12). فإن الله، إذ بعث الإيمان في قلوب الناس، قد مجد معاونه على وجه من الوجوه، كما قال: " بلى أنتم مجدنا وسرورنا " (2 / 20).
لقد اختبر بولس في نشاطه الرسولي صلة سر موت المسيح وقيامته بالحاضر. فليس ذلك السر حدثا يعود إلى الماضي فحسب. إن الجماعات المسيحية وبولس نفسه يواجهون المحنة التي واجهها يسوع (1 / 6 و 2 / 14). وفي هذا التاريخ الذي فيه يعمل الموت، رأى تدفق حياة الذي قام من بين الأموات ومجده.
[التعليم في موضوع الأخيرية] 1) الرسالة الأولى: إن الفصول الثلاثة الأولى من الرسالة الأولى إلى أهل تسالونيقي هي، قبل كل شئ، تذكير بالماضي، وإن لهجة هذا المؤلف تجعل من هذه الرسالة، كما رأينا، رسالة فريدة في نوعها، ومع ذلك، نجد فيها أيضا تعليما من نمط خاص في الآخرة، أي في أحداث نهاية الأزمنة.
ولا يقتصر هذا التعليم على ما ورد بوضوح في 4 / 13 - 5 / 3، فإن رجاء عودة المسيح هو اليقين الذي يسم بسمته الرسالة كلها (1 / 10 و 2 / 19 و 3 / 13) والذي تقوم عليه سيرة المسيحي. فالمسيحي هو