[الرسالة الأولى إلى أهل تسالونيقي] أول ما يقع في نفس قارئ الرسالة الأولى إلى أهل تسالونيقي هو ما يشعر به من فرق بين لهجة بولس فيها وفي سائر الرسائل. فإن صاحبها لا يبدو مشغول البال بمسألة عقائدية كبيرة، بل يريد قبل كل شئ الكشف عما يكن في صدره من المودة تشده إلى جماعة أنشأها لعهد قريب وتركها قبل قليل.
قلق بولس هنيهة، ولكنه ما لبث من بعدها أن انشرح صدره لما بلغه آخر الأمر من الأخبار السارة.
فقد عبر بكلام شكر طويل عن فرحه بأن يرى إيمان الكنيسة الفتية الناشئ مشعا (إن الآيات 2 - 10 من الفصل الأول هي كلها جملة واحدة طويلة). فلا حاجة به إلى تصويب ضلال، فهو يعلم أن الإخوة هم في جادة الصواب وأنهم ثبتوا للمحنة. فالأمر الواحد الذي يوصيهم به هو أن يثابروا على سلوك هذا الطريق ويواصلوا تقدمهم. أجل، ينتظر بولس بفروغ الصبر أن يعود إلى أهل تسالونيقي، ليكمل ما لا يزال ناقصا من إيمانهم (3 / 10). ولكنه ليس في قلق لأن مراسليه أوفياء يعرفون كيف يجب عليهم أن يعيشوا بعد اليوم، فهم يكادون لا يحتاجون إلى أن يعيد لهم القول في ذلك (4 / 9 و 5 / 1).
تعيش كنيسة تسالونيقي في ما أعلن عدة مرات (1 / 10 و 2 / 19 و 4 / 16) من رجاء عودة المسيح في المجد وشيكا. فهي برهان على أن الإنجيل يواصل سيره أيا كانت العقبات التي تعترض سبيله.
عبر بولس عن هذا الفرح وهذه الحماسة بلغة بسيطة لا تكلف فيها. والرسالة الأولى إلى أهل تسالونيقي هي أشبه بكلام عطف ومودة يخاطب به الأب أولاده (راجع 2 / 11 - 12)، وهو يعلم الصعاب التي يجب عليهم أن يذللوها. فإن القارئ، وهو يطالع هذه الرسالة من فجر المسيحية، يحس بوطيس المعارك الحامية التي خاضها المسيحيون الأولون وبالنشوة التي نالتهم من الانتصارات الأولى.
فيجد فيها السخاء الذي يطبع كل نشأة عظيمة.
[تاريخ الرسالة الأولى إلى أهل تسالونيقي] ليست الرسالة الأولى إلى أهل تسالونيقي أول رسالة كتبها بولس فحسب، بل أقدم ما كتب من العهد الجديد. فلا شك أن الرسول بعث بها في أول السنة 51 (بعد موت يسوع بنحو عشرين سنة)، بعيد وصوله إلى قورنتس، حيث جاء طيموتاوس ليحمل إليه الأخبار الآتية من تسالونيقي. أجل، إن التقاليد الإنجيلية قد تكونت في ذلك الوقت، ولكن الأناجيل كما في أيدينا الآن لم تكن قد دونت.
هناك نصوص من العهد الجديد تروي لنا تقاليد أقدم، ولكن الرسالة الأولى إلى أهل تسالونيقي أول وثيقة مسيحية.
[الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيقي] إن الرأي الشائع عند جماعة غير قليلة من المفسرين هو أن الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيقي هي