وفاقا على خطيئة آدم، بإيعاز من حواء، وأنه لولا النجاة على يد المسيح الذي فدى البشر بدمه الطهور، لكان مصير البشرية كلها الهلاك المبين. وإن أنس لا أنسى الفلق الذي ساورني وشغل خاطري عن ملايين البشر قبل المسيح، أين هم؟ وما ذنبهم حتى يهلكوا بغير فرصة للنجاة؟
فكان لا بد من عقيدة ترفع عن كاهل البشر هذه اللعنة، وتطمئنهم إلى العدالة التي لا تأخذ البرئ بالمجرم، أو تزر الولد بوزر الوالد، وتجعل للبشرية كرامة مضمونة، ويحسم القرآن هذا الأمر، حين يتعرض لقصة آدم، وما يروي فيها من أكل الثمرة المحرمة فيقول في سورة طه: (وعصى آدم ربه فغوى، ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى (1)).
3 - ويقول الدكتور نظمي لوقا حول الاحساس بقيم الدين الصحيح للانسان المنصف: (والحق أنه لا يمكن أن يقدر قيمة عقيدة خالية من الخطيئة الأولى الموروثة إلا من نشأ في ظل تلك الفكرة القاتمة التي تصبغ بصبغة الخجل والتأثم كل أفعال المرء، فيمضي في حياته مضي المريب المتردد، ولا يقبل عليها إقبال الواثق بسبب ما أنقض ظهره من الوزر الموروث.
أن تلك الفكرة القاسية - الخطيئة الأولى وفداؤها - تسمم ينابيع الحياة كلها، ورفعها عن كاهل الإنسان منه عظمى، بمثابة نفخ نسمة حياة جديدة فيه، بل هو ولادة جديدة حقا، ورد اعتبار لا شك فيه، إنه تمزيق صحيفة السوابق، ووضع زمام كل إنسان بيد نفسه، والناس في كرامة البشرية أمة واحدة بغير تفريق، فقد جاء في سورة الأنبياء: (إن هذه أمتكم واحدة، وأنا ربكم فاعبدون (2)).