العامل الثاني - تنازع السلطة:
فإلى أي كنيسة يخضع العالم المسيحي؟ أما الكنيسة الغربية البطرسية فقد قررت أن جميع المسيحيين يجب أن يخضعوا لقراراتها وسلطانها. وأما الكنيسة الشرقية الأرثوذكسية فقد قررت أن لا سلطة للبابا ولا تعترف بسيادته ولا برئاسته، كما أنها لا تعترف إلا بالمجامع السبعة قبل الانفصال، ولا تلتزم بقرارات مجمع آخر بعد هذا (1).
ملاحظة تاريخية هامة:
استمر النزاع بين الكنيستين مع وجود الجهود التي بذلت لتحاول التوفيق بينهما، ولكن كلما زادت جهود التوفيق زادت كثرة الخلافات، حتى توجت بالتسلط العسكري في الحروب الصليبية التي شنتها الكنيسة الغربية اللاتينية البطرسية على بلاد الشرق الإسلامي، فاستخدم البابا (أنوسنت الثالث) سلطانه وحث زعماء الحرب الصليبية على انتزاع المملكة الشرقية من بلاد اليونان، وهنا أترك القول لكتاب مسيحيين متعصبين ليشرحوا كيف عامل المسيحيون الغربيون بني دينهم من المسيحيين الشرقيين:
يقول الأستاذ نوفل بن نعمة الله بن جرجس في كتابه (سوسنة سليمان):
(حرك البابا (أنوسنت الثالث) قواد الصليبيين لنزع المملكة الشرقية من يد اليونان فاقتحموا القسطنطينية سنة 1204، وظلوا متسلطين عليها إلى سنة 1261 م فاستعملوا ما أمكنهم من (الهمجية) في الأرض التي امتلكوها من بلاد سورية وفلسطين ليخضعوا بطاركة أورشليم، وجميع الأكليروس اليوناني بواسطة الحبس، وإقفال الكنائس حتى أحوجوهم إلى أن يفضلوا موادة العرب حكام البلاد الأصليين على موادتهم ويختاروا حكم شعب يتقاضى منهم جزية على أن يتسلط عليهم ملك روحي طمعه وطمع قواده لا يشبعان).