لماذا كان القرآن هو المصدر؟
ولكن قد يبدو هناك اعتراض ملخصه: أن عرضي السابق ارتكز على القرآن كمصدر في تصوير المسيحية التي جاء بها عيسى عليه السلام؟
والحق أن القرآن وحده وهو المصدر العلمي والتاريخي، الذي يصور لنا تاريخ الرسالات الإلهية منذ آدم عليه السلام حتى خاتم الأنبياء والمرسلين محمد (ص)، فليس في الوجود كله كتاب إلهي أو بشري له من الاحترام العلمي القائم على التواتر والحفظ والصيانة لرسمه وطريقة قراءته وأصوله كلها غير القرآن الكريم. والاستناد إلى القرآن في عرض مسيحية سيدنا عيسى ليس تعصبا في البحث ولكنه منهج نزيه، وهو عمل علمي حقيق بالاحترام، ذلك:
1 - لأن الأناجيل نفسها لم تأخذ حظها من الثقة التاريخية ولم تنل احتراما علميا، لما نابها من الاختلاف والتباين، حتى لقد أوقف كثير من المتعصبين أنفسهم للدفاع عن تضاربها كما فعل القس بوطر في رسالته (الأصول والفروع) والقس إبراهيم سعيد، في (شرح بشارة لوقا)... الخ.
2 - كما أنها تعرضت لنقد شديد من العلماء المسيحيين الذين أسلموا عن بحث ورغبة في التوصل لمعرفة الحق، مثل المسيو إيتين دينيه الفرنسي الرسام الذي هدته عبقريته الفنية إلى حقيقة الألوهية، فأعلن إسلامه في عام 1927 م، بعد دراسات تاريخية ونفسية ودينية لكتب الأديان، وفيها يقول عن الأناجيل (أما إن الله سبحانه قد أوحى الإنجيل إلى عيسى بلغته ولغة قومه، فالذي لا شك فيه أن هذا الإنجيل قد ضاع واندثر ولم يبق له أثر، أو أنه قد أبيد (1)).