د - سلوك رجال الكنيسة أنفسهم.
ولنعرض ذلك بسرعة كخطوط نقدمها لمادة البحث مستقبلا دون إطالة في التفسيرات:
أولا - علاقة الكنيسة بالرعية والعلماء:
بالغت الكنيسة في فرض تعاليمها على الشعب والعلماء، فلم تسلك لذلك طريق الوعظ والارشاد بل سلكت سبيل القهر والعنف والتسلط، فحرمت كل رأي يخالف رأيها واستتبع ذلك تحريم الأبحاث الطبيعية العلمية، وأصدرت فتاوى التكفير لكل عالم يبحث في مسائل الطبيعة والمعرفة، بل تجاوزت ذلك إلى الحكم بإحراق من يأتي فعلا من الأفعال التي حرمتها.
فالمجمع الثاني عشر المسمى بالمجمع اللاتيراني الرابع المنعقد عام 1215 م يقرر: استئصال كل من يرى رأيا يخالف رأي الكنيسة ولو كان في العلوم الطبيعية، بل أن الكنيسة راحت تفتش عن العلماء الذين يبحثون في هذه المسائل وتتجسس عليهم، وشكلت لذلك نظام محاكمة عرف في التاريخ بمحاكم التفتيش. وإلى ذلك يشير المسيو إيتين دينيه فيقول: (بل أن منهم من حاربتهم المسيحية واضطهدتهم: خذ مثلا (جاليلو) الفلكي الإيطالي (وإتين دوليه) الكتاب الناشر الفرنسي، وغيرهما كثير ممن ذهبوا ضحية التعصب الذميم (1).
ثانيا - علاقتها بالحكام والملوك:
فرضت الكنيسة أوامرها على الملوك والأمراء - كما فرضتها على سائر الناس - فأصدرت قرارات الحرمان واللعن والطرد لهم، يقول الأستاذ نوفل بن جرجس:
(المجمع الثالث عشر انعقد في ليون من أعمال فرنسا سنة 1245 بأمر البابا أينوسنت الرابع لأجل عزل فردريك ملك فرنسا وحرمه).