كله يصيحون: باسم الرب (1).
ذلك جانب نقدمه بسرعة لنكشف للباحث مقدمات هامة يجب أن تستقصى عند الحديث عن الاصلاح الديني للمسيحية.
الجولة الأولى من الاصلاح: صوت قسيس من الطبيعي أن يرفض البطن أي طعام لا يستسيغه؟ كذلك العقل - إن كان سليما - فإنه يرفض الأفكار التي لا يستيغها، والكنيسة لم تعش في عزلة عن نور الحق، فإنها بالحروب الصليبية قد فتحت للعقل المسيحي آفاقا شهد فيها نور الحقيقة من الإسلام، فانجذبت الأرواح التي جندها ربها لحب الحق إلى أنواره، فاصطلت الكنيسة بالنار التي خلفتها آثار حربه الصليبية، فقد اندلعت ثورات داخلية على حق الكنيسة في الغفران، وما يسمى سر الاعتراف، وابتدأت فئات الشعب العامة تحصي على رجال الكنيسة أخطاءهم، وتتحسس بمشاعرها فساد تعاليمهم فيشعرون بأن الله قريب منهم، وأنه يجيب دعوة الداعي إذا دعاه.
وإذن: فليس بلازم أن يكون هناك وسيط أو صك للغفران يمنحه أسقف هو أكثر ذنبا من العامة، فكانت الثورة الدينية التي نادى بها يوحنا هوس، وتلميذه جيروم، وملخصها: أن الكنيسة ليس لها سلطان في محو الذنوب، وأن التوبة مع رحمة الله فقط هي الطريق الطبيعي لمحو الآثام وتطهير النفوس من الخطايا والأدران، وأن ما يسمى بسر الاعتراف خرافة... الخ.
ولكن الكنيسة رأت أن ذلك هدم لكيانها وجبروتها، فانعقد لذلك (مجمع كونستانس) مدة أربعة أعوام (1414 - 1418) للنظر في ثورة يوحنا