ويقول جورج سيل: وهو من كبار المتعصبين للمسيحية: يقول في مقدمته لترجمة القرآن الكريم: (إنه من المحقق أن ما ألم بالكنيسة الشرقية من الاضطهاد واختلال الأحوال في صدر المائة الثالثة عشرة للميلاد قد أجبر كثيرين من نصاراها أن يلجئوا إلى بلاد العرب طلبا للحرية).
ولعله يبدو واضحا جدا اتحاد النصين في: (1) وقوع اضطهاد للكنيسة الشرقية في المائة الثالثة عشرة (وهي عصر حروب الصليب). (2) وأن حالة الاضطهاد أجبرت المسيحيين على قبول الحياة مع العرب لينالوا حريتهم بدل الحياة مع المسيحيين اللاتينيين الغربيين الطماعين.
وهنا يبدو سؤال عريض وهو:
1 - هل في التاريخ حقيقة لما يسميه المسيحيون اليوم بالتسامح الديني بين طوائف الديانة المسيحية؟
بل هل في التاريخ ظل ولو بسيط جدا لما يسميه المسيحيون اليوم بالتسامح الديني بين أساقفة وبطاركة وقساوسة وعلماء المسيحية أنفسهم؟
بل هل قرارات المجامع بالحرمان والطرد لجانب من الموحدين أو المختلفين في الرأي تصور معاني التسامح الديني بين علماء المسيحية؟
بل هل قرار البابا في 2 أيار سنة 1949 م الذي يحرم زواج الكاثوليكية من الأرثوذكسي أو البروتستنتي يصور شيئا ما من معاني التسامح الديني (1).
وإذن: فلماذا يدعو المسيحيون في العصر الحديث إلى التسامح الديني، وهم لم يعرفوا، لا في التاريخ، ولا في الواقع شيئا ما من معنى التسامح الديني؟
وهل المسيحيون يريدون حقا إقامة تسامح ديني من أجل الحق والسلام؟
هاتان نقطتان أراهما جديرتين بالبحث، لمن شاء أن يقدم ببحثه نورا للمسيحيين إن شاؤوا أن يستقيموا؟