الإمام البلاغي وملامح شخصيته ومقوماتها:
هو غصن كريم من الدوحة " البلاغية " الباسقة في سماء الفضل والشرف وعلم أعلامها وشهاب فضلائها وأبدالها، بل كوكب دراريها الثاقبة الساطعة في دياجير الأزمات الشديدة الحلكات، وظلمات المعضلات المدلهمات، فأسرته من أعرق الأسر العراقية، وقبيلته ربيعة (1) خير القبائل العربية في جاهليتها وإسلامها، وبيته من أرفع بيوت العلم والدين والأدب، فهو عربي أصيل، وفي الذؤابة من تغلب الغلباء، نزاري العمومة، هاشمي الخؤلة، خالص المعدن في نسبه وحسبه، فنشأ في حجر الفضيلة وترعرع وفطم على حب المكارم والشناشن العربية الأصيلة، وتربى على أسس التربية الإسلامية الرفيعة، وقد التزم بمحاسنها ومثلها العليا، فكان مثال العربي الصميم الصريح ونموذج المسلم القرآني المثالي الصحيح الإيمان الصادق العقيدة الكامل الإنسانية بمعناها الواسع، فإن أحب شئ لنفسه فعل الخير والسعي في سبيله، وأبغض الأشياء عنده بل أنكر المنكرات، سطوات الشر والأشرار في المجتمع الإنساني، فكان رحمه الله تعالى داعي دعاة الفضيلة ومؤسس المدرسة السيارة للهداية والإرشاد وتنوير الأفكار بأصول العلم والحكمة وفلسفة الوجود، فقد أفطمت جوانحه على معارف جمة، ووسع صدره كنوزا من ثمرات الثقافة الإسلامية العالية والتربية الغالية، وقد نهل وعب من مشارع المعرفة والحكمة الصافية حتى أصبح ملاذ الحائرين الذين استهوتهم أهواء المنحرفين عن المحجة البيضاء، وخدعتهم ضلالات الدهريين والماديين، كما كان الملجأ الأمين لمن رام من المستشرقين الاطمئنان بإزاحة الحجب عن وجه الحقيقة والحق، وللوصول إلى ساحل اليقين كالمستشرق " المستر خالد شردراك " وأمثاله من أعلام الغرب الذين يهمهم كشف المخبأ من أسرار المعارف المحمدية والحكمة المشرقية، حيث آنسوا فيه ندرة المواهب العقلية والملكات النفسية القوية والطاقات الفكرية العجيبة، وينابيعه الثرة العذبة المتفجرة من قلبه الكبير المتدفقة على لسانه الجارية على قلمه السيال.