وعلى كل حال فلا ناسخ ولا منسوخ، ولولا ضيق المقام لزدنا الكلام وعلى المطالع أن يمعن النظر في هذه الآيات فيجد بطلان دعوى المعترض.
أقول: فيا أيها المطالع سألتك بفضيلة الكمال وزينة الأدب أن تطالع كل الرابع من " حزقيال " وإن شئت فكل كتاب " حزقيال " لتقول أين تجد من ذلك بطلان ما يقوله إظهار الحق، فهل في كلام " حزقيال " أو في كلام المتكلف برهان على أن حكم الله لم يتبدل في شأن " حزقيال " أو هل إذا تبدل الحكم بسبب الدعاء لا يكون تبدلا.
وليت شعري أن المتكلف قد استحسن الجواب في هذه المقامات بقوله وعلى كل حال فلا ناسخ ولا منسوخ، فلماذا يتكلف الجواب بغيره.
" تكملة " قال المتكلف يه 4 ج ص 156 ولعمري إن الناسخ والمنسوخ إذا وجدا في قانون أو دستور أو في كتاب كان أعظم وصمة يوصف بها هذا القانون أو الدستور أو الكتاب، ولذا كانت الديانة الصحيحة الحقيقية وكتبها المنزلة منزهة عن هذه الوصمة - 157 - فماذا تقول في ملك الملوك ورب الأرباب العليم الحكيم هل يعقل أو يتصور إن يأتي بقانون قابل للنسخ والنقص والتغيير والتبديل كل ساعة أو أن لا جرم إن هذا بمنزلة قولنا عن المولى الحكيم العليم إنه جاهل عديم التروي وعديم التفكر والتبصر - تعالى الله عما يقول الجاهلون علوا كبيرا - 58 افأن أعمال الله منذ الأزل منزهة عن التناقض والتشويش.
أقول: ليت شعري ماذا يصنع من يقول هذا الكلام وماذا يقول فيما ذكرناه عن العهدين من تبديل أحكام الله ونسخها فيما ذكرناه من الأمثلة التي ترجع إلى ألوف من موارد النسخ. وماذا يقول في خصوص أمر الله " إبراهيم " بذبح ولده محرقة. وتكليف " حزقيال " بأن يخبز مأكوله على خرء الإنسان وكيف قد تبدل هذان الحكمان ولم يمض عليهما أربعون سنة ولا ألف وخمسمائة سنة، بل إنما مضى عليهما أيام أو ساعات ثم تبدلا. وكذا شريعة " نوح " في إدخال الحيوانات معه إلى الفلك.
واستمع أيضا لما نتلوه عليك من العهدين حيث تضمنا أن الله جل شأنه بدل ما وعد وأخبر بأنه قضاه وقدره إلى الأبد، وبدل الحكم الشرعي اللازم لهذا