ناشئ عن الجهل أو تلاعب الأيام.
وقد حاول المتكلف " يه 1 ج ص 222 " رفع هذا التناقض بدعوى أن المراد من مجيئ إيليا في كلام المسيح وكلام ملاخي إنما هو مجيئ من يشبه إيليا التشتي وفيه روحه وهو يوحنا المعمدان لكثرة شبهه بايليا، وأن يوحنا المعمدان إنما أنكر كونه إيليا التشتي الحقيقي الذي كان معاصرا لليشع النبي فلا يناقض إخبار المسيح بأن يوحنا هو إيليا المجازي.
أقول: قد جاء في رابع ملاخي 5 ها أنا ذا أرسل إليكم إيليا النبي قبل مجيئ يوم الرب العظيم والمخوف.
فهل ترى في هذا الكلام أمارة المجاز والتشبيه خصوصا مع النص على تعريف إيليا بالنبي إشارة إلى وصفه المعهود المميز له.
دع هذا بل نقول إن يوحنا هل كان يعلم أن إيليا الذي بشر به ملاخي هو إيليا المجازي المشابه لإيليا الحقيقي، أو أنه يجهل ذلك فإن كان يجهل ذلك فكيف يكون أعظم الأنبياء كما يقول المسيح وإن كان يعلم بذلك فهل كان يعلم بأنه هو إيليا المجازي الذي بشر به ملاخي، أو أنه يجهل ذلك. فإن كان يجهل ذلك كان أعظم الأنبياء جاهلا بوظيفته وبشارة الكتب به، ويكون المتكلف وأشباهه أعرف منه بمقاصد كتب الوحي، هذا وإن كان يوحنا يعلم بأنه هو إيليا المجازي الذي بشر به ملاخي فلماذا لم يرفع هذا الوهم عن الخلق الكثير من الفريسيين وغيرهم الذين آمنوا به واعتمدوا منه بمعبودية التوبة وأذعنوا بنبوته ولماذا لا يقول لهم حسب وظيفته أن إيليا النبي الذي يرسل إليكم قبل مجيئ يوم الرب إنما هو شخص يشبه إيليا في أحواله الشريفة وهو أنا ولا تتوهموا من بشارة ملاخي أن إيليا الحقيقي الذي ارتفع في العاصفة هو الذي يرسل إليكم قبل مجيئ يوم الرب.
فلا يصدكم هذا الوهم في انتظار إيليا الحقيقي عن الإيمان بالمسيح، وهذه هي الوظيفة اللازمة على من جاء ليهئ طريق الإيمان بالمسيح لا أنه يبقيهم على وهمهم في انتظار إيليا الحقيقي بل يغريهم بالجهل ويقول لهم لست