وقال الله تعالى في سورة البقرة 262: (وإذا قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي).
فقال المتكلف في هذا الشأن " يه 1 ج ص 20 س 4 " القرآن ناطق بأنه يعني إبراهيم شك في قدرة الله.
أقول: ليت شعري أين سمع المتكلف وبصره وقلبه عن قول إبراهيم بلى ولكن ليطمئن قلبي، أفيشك عاقل بأنه إذا اجتمع العقل والحس على أمر كان أوقع في النفس وأثبت في الاعتقاد وأدخل في الاطمئنان من المعقول الصرف، وصريح الآية أن إبراهيم كان يطلب هذه المرتبة من الاطمئنان والإيمان الكامل، وإن كان إيمانه بقدرة الله ثابتا، ولأجل إيمانه وخلوص بيته في طلب الاطمئنان، وأكمل أفراد الإيمان أعطاه الله مراده فقال تعالى له: خذ أربعة من الطير فصرهن إليك الآية.
فانظر يا ذا الرشد والفكر الحر إلى ما ذكرناه في القرآن الكريم وإلى ما في الخامس عشر من التكوين " 7 " وقال له: " أي الله لإبراهيم " أنا الرب الذي أخرجك من أور الكلدانيين ليعطيك هذه الأرض لترثها " 8 " فقال أيها السيد الرب بماذا أعلم أني أرثها؟
وقل أي المقامين أولى بأن يكون شكا في قدرة الله وصدقه في وعده.
فهل هو ما ذكر في القرآن الكريم من طلب إبراهيم الاطمئنان وأعلى مراتب الإيمان زيادة على إيمانه المطلوب في شأن المعاد العظيم أمره؟ أم هو ما ذكر في التوراة في شأن إعطاء الله أرض الكنعانيين لإبراهيم ليرثها فقال إبراهيم: بماذا أعلم أني أرثها؟
فإنه صريح في أنه لا يحصل له العلم بمجرد قول الله بل يحتاج في ذلك إلى شاهد يوجب له العلم بقدرة الله على ذلك أو صدقه في وعده مع أن إعطاء الأرض لقوم بدل آخرين أمر سهل على التصديق.
ثم انظر أيضا استطرادا وتتميما لمتعلقات المقام في انتظام البرهان المذكور في القرآن على إحياء الموتى لأجل اطمئنان إبراهيم ومناسبته للمبرهن عليه بقوله