والسيد محمد الآتي ذكره شاعر في زمانه ورئيس هذه الصناعة في وقته وأوانه نظمه أرق من نسيم الصبا وأعذب من أيام عصر الصبا كان ذا نفس كريمة وسجية في أبناء زمانه عديمة أخذ عن الفضلاء ولازم الأدباء حتى صارت له قوة في العلوم وملكة قوية يقتدر بها على المنثور والمنظوم ولم يزل سائحا في بيداء الأدب أوقاتا وأعواما وشهورا وأياما حتى صار لأهل هذه الصناعة سيدا وإماما أصبحت منه أيامه أحلاما وقد كان أعذب مورد وأحلى ماء ولكن حوادث الأهوال الواقعة على أوال قد فرقت ما نظم وأذهبت منه الجزء الأعظم وأني وقت اشتغاله بالعلوم والآداب لم أخرج من الأصلاب فلما من الله علي بالإبراز من العدم إلى الوجود بعد أن لم أكن شيئا معدود، وألهمني شيئا من معرفة هذه الصناعة وإن لم تكن لي بضاعة تتبعت أشعاره واستقفيت آثاره فلم أعثر بعد تتبع كثير إلا على شئ يسير فمنه قوله: - ضاق النطاق وأحكمت حلقاتها * فالنفس لا تختار طول حياتها بلغ الربا سيل الهموم ولا أرى * من يزجر الأيام عن نكباتها فلذلك خاطبت الزمان وأهله * بشكاية الشعراء في أبياتها قد قلت للزمن المضر بأهله * ومقلب الدولات عن حالاتها إن كان عندك يا زمان بقية * مما تهين به الكرام فهاتها وله أيضا من قصيدة مطلعها: (كفي من المدمع الوكاف عاد كفا) ولم أسمع من مطلعها إلا هذا المصرع إلا أنه قال (ره) فيها:
يا بارقا فوق بأن المنحني سحرا * كفي من النوح ما أتلفتني أسفا وله منها: