السبب لم يضر ترك شعبة إياه، لأن جماعة من العلماء قالوا بإباحة ذلك، وما كان مختلفا فيه من هذا الجنس فلا ترد الرواية به، ولا الشهادة، ولا سيما ولم يعلم أن ذلك الصوت منه، فقد يكون في داره من غيره، ولا علم له به.
وبالجملة: فهذا كلام لا وجه له، ولا شك في ثقة المنهال بن عمرو، وأنه ممن يحتج بحديثه، ولا معنى لإنكار عود الروح وتضعيفه بالمنهال بن عمرو، مع دلالة بقية الأحاديث المتفق عليها على السماع، والكلام، والقعود، وغيرها مما يستلزم الحياة وعود الروح.
وقد روى البغوي في (شرح السنة) (1) عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
(إن الميت يسمع حس النعال إذا ولى عنه الناس مدبرين، ثم يجلس ويوضع كفنه في عنقه، ثم يسأل).
وقد أجمع أهل السنة على إثبات الحياة في القبور، قال إمام الحرمين في (الشامل) (2): اتفق سلف الأمة على إثبات عذاب القبر، وإحياء الموتى في قبورهم، ورد الأرواح في أجسادهم.
وقال الفقيه أبو بكر بن العربي في (الأمد الأقصى في تفسير أسماء الله الحسنى):
إن إحياء المكلفين في القبر وسؤالهم جميعا، لا خلاف فيه بين أهل السنة.
وقال سيف الدين الآمدي في كتاب (أبكار الأفكار) (3): اتفق سلف الأمة قبل ظهور المخالف، وأكثرهم بعد ظهوره، على إثبات إحياء الموتى في قبورهم، ومسألة الملكين لهم، وإثبات عذاب القبر للمجرمين والكافرين، وقوله تعالى:
* (وأحييتنا اثنتين) * أي حياة المسألة في القبر، وحياة الحشر، لأنهما حياتان عرفوا.