" والمنزلة موضع النزول والدرجة " (1).
والمراد من " الدرجة " هو " المنزلة الرفيعة " كما قال الراغب: " الدرجة المنزلة، لكن يقال للمنزلة درجة إذا اعتبرت بالصعود دون الامتداد على البسيط كدرجة السطح والسلم، ويعبر بها عن المنزلة الرفيعة. قال الله تعالى: * (وللرجال عليهن درجة) * بينها لرفعة منزلة الرجال عليهن في العقل والسياسة ونحو ذلك من المشار إليه بقوله: * (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض) * " (2).
وبالجمع بين العبارتين، يظهر أن " الرفعة " مأخوذة في " المنزلة "، فلا يكون الحديث دالا على نفي الخلافة، لعدم وجود الرفعة في هذا النفي بل بالعكس، كما هو واضح.
هذا، ومن غرائب الأمور: أن الرازي في كتبه الحكمية يشنع على القائلين بثبوت الأمر المعدوم، حتى أنه يخرجهم عن زمرة العقلاء... وفي هذا المقام يقع في تلك البلية ويجعل نفي الخلافة مصداقا للمنزلة التي هي بمعنى الأمر الثابت!!
يقول الرازي: " الفصل التاسع في أن المعدوم ليس بثابت. فإن قوما ممن عمشت بصائرهم في حقائق الأبحاث المتعلقة بالوجود والعدم، زعموا أن ما ليس بموجود ينقسم إلى ما يكون ممتنع الوجود، وإلى ما لا يكون، فإن كان ممتنع الوجود فهو النفي الصرف، وإن كان ممكن الوجود فإنه يكون عند كونه معدوما ثابتا. وزعموا أنه موصوف بصفات ثابتة حالة العدم، وتلك الصفات لا موجودة ولا معدومة ".
وإذا كان المعدوم لا يتصف بالثبوت، فإن نفي الخلافة لا يتصف بذلك...