الأوصاف العامة المشتركة، بل جعلوا استخلافه أضعف وأوهن من سائر الاستخلافات، لأنه إذا كان عليه السلام هو المستحق للخلافة - دون غيره - ولو لمعنى اقتضاه في هذه المرة، علمه الرسول وجهله النواصب، فقد ثبت اختصاصه عليه السلام بالشرف التام غير الحاصل لسواه، وسقط توهم اشتراك الآخرين معه في تلك الفضيلة... وعليه، فتكون الخلافة بعد الوفاة - بالأولوية القطعية - منحصرة فيه عليه السلام، وهذا بديهي ظاهر لا ينكره إلا معاند مكابر.
وأما قوله: " أو يكون المعنى: الذي يقتضيه حالك وأمرك... ".
فتقرير أولى من سابقه في الدلالة على مطلوب الإمامية، لأن قوله: " لا أذهب في جهة " يدل على العموم، للنكرة الواقعة في سياق النفي، ومن ذلك " الذهاب إلى رب الأرباب " فإذا، يكون الحديث - على هذا التقرير - دالا على أفضليته وإمامته وخلافته بعد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -. لأن الأفضل هو المتعين للخلافة والإمامة، كما اعترف هو بذلك حيث قال في الفصل الثالث في خلافة أبي بكر من الباب الأول من مناقب القسم الثاني: " وأحاديث أفضليته كلها دليل على تعينه، على قولنا: لا ينعقد ولاية المفضول عند وجود الأفضل ".
وأما أنه قد يكون شخوصه معه في وقت أنفع من استخلافه، فمن الواضح:
أولا: إن هذا المعنى غير متحقق عند ذهابه إلى ربه، إذ لم يذهب معه حينئذ، فحكم استخلافه باق على حاله.
وثانيا: تخلف حكم الاستخلاف بسبب كون الشخوص أنفع، غير قادح في دلالة الحديث على الأفضلية، لأن المعنى حينئذ أنه حيث لا مانع من شخوصه مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - تكون الخلافة منحصرة فيه، وهذه مرتبة غير حاصلة لغيره، فيكون هو الأفضل.