الرحمان فاتبعوني وأطيعوا أمري) * (1) فإن الله يبرئ هارون، والأعور يقول بأنه هو السبب في عبادة بني إسرائيل العجل!!
ولقد أوضح المفسرون من أهل السنة أيضا واقع الأمر وحقيقة الحال حيث شرحوا القصة في تفاسيرهم:
* يقول النيسابوري: " ثم إنه سبحانه أخبر أن هارون لم يأل نصحا وإشفاقا في شأن نفسه وفي شأن القوم قبل أن يقول لهم السامري ما قال، أما شفقته على نفسه فهي: إنه أدخلها في زمرة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وأنه امتثل أمر أخيه حين قال لهم * (يا قوم إنما فتنتم به) *.
قال جار الله: كأنهم أول ما وقعت عليه أبصارهم حين طلع من الحفرة فتنوا به واستحسنوه، فقبل أن يطلق السامري بادره هارون فزجرهم عن الباطل أولا بأن هذا من جملة الفتن، ثم دعاهم إلى الحق بقوله: * (وإن ربكم الرحمن) * ومن فوائد تخصيص هذا الاسم بالمقام: أنهم إن تابوا مما عزموا عليه فإن الله يرحمهم ويقبل توبتهم. ثم بين أن الوسيلة إلى معرفة كيفية عبادة الله ما هو إلا اتباع النبي وطاعته فقال: * (فاتبعوني وأطيعوا أمري) * وهذا ترتيب في غاية الحسن " (2).
ويقول الرازي: " إعلم أنه قال ذلك شفقة على نفسه وعلى الخلق، أما شفقته على نفسه فلأنه كان مأمورا من عند الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان مأمورا من عند أخيه موسى بقوله عليه السلام: * (اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين) * فلو لم يشتغل بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كان مخالفا لأمر الله ولأمر موسى، وذلك لا يجوز " (3).