استخلافه.... فهذا تناقض، لأنه إن كان دليلا على نفي الاستحقاق وكان دليلا على حصول الفساد الكبير، فلا تحصل التسلية لعلي ولا دفع إرجاف المنافقين في المدينة به، بل بالعكس، يكون الحديث - بناء على ما ذكره - تأييدا وتصديقا لما زعمته المنافقون، وتصحيحا لطعن الطاعنين فيه.
وأيضا: إنه - وإن بلغت عداوته في الوجه الثالث إلى أقصى الغايات - اعترف بدلالة الحديث على الخلافة، حيث قال فيه: " لأنه شبهه بهارون في الاستخلاف " فهذا الكلام نص صريح في الدلالة على ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم شبه أمير المؤمنين بهارون في الاستخلاف، وظاهر أن ليس مراد الأعور من هذا الاستخلاف هو الاستخلاف حال الحياة لعدم وقوع أي فتنة أو فساد حينذاك، فالمراد هو الاستخلاف بعد المماة. وإذ ثبت تشبيه النبي عليا بهارون في الاستخلاف بعد المماة ثبت دلالة الحديث على الخلافة بالبداهة... وإذا كان هذا حاصل كلامه في الوجه الثالث، فقد ناقض مدعاه حيث نفى الدلالة على الخلافة قائلا: " لا دلالة فيه على إمامة علي ".
وأما الأشياء الأخرى التي زعمها في ذاك الوجه - أعني الثالث - فهي لا تدل إلا على كفره ونفاقه...
وقال نجم الدين خضر بن محمد بن علي الرازي في (التوضيح الأنور بالححج الواردة لدفع شبه الأعور) في هذا المقام:
" وجه الشبه هو القرب والفضيلة، لا ما توهمه من الفساد الكبير والفتنة العظيمة، وإلا لم يكن تسلية بل مذمة وتخطئة، وهو باطل بالإجماع. على أن الفتنة والفساد لم يحصل من نفس الاستخلاف بل من أهوائهم الفاسدة وآرائهم الكاسدة، وإلا لكان القدح في النبي المستخلف.
وعلي ما قتل إلا البغاة الناكثين والقاسطين والمارقين، عملا بقول رب