وغيرهم.
وأما ما قال الحافظ الذهبي في التذكرة في ترجمة الحاكم أبي عبد الله المعروف بابن البيع الحافظ المشهور مؤلف المستدرك وغيره - بعد أن ساق حكاية: وسئل الحاكم أبو عبد الله عن حديث الطير فقال: لا يصح، ولو صح لما كان أحد أفضل من علي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال الذهبي: قلت: تغير رأي الحاكم فأخرج حديث الطير في مستدركه. قال الذهبي: وأما حديث الطير فله طرق كثيرة قد أفردتها بمصنف، ومجموعها يوجب أن الحديث له أصل. إنتهى كلام الذهبي.
فأقول: كلام الحاكم هذا لا يصح عنه، أو أنه قاله ثم رجع عنه كما قال الذهبي: ثم تغير رأيه. وإنما قلنا ذلك لأمرين: أحدهما - وهو أقواهما - أن القول بأفضلية علي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو مذهب الحاكم كما نقله الذهبي أيضا في ترجمته عن ابن طاهر، قال الذهبي: قال ابن طاهر: كان - يعني الحاكم - شديد التعصب للشيعة في الباطن، وكان يظهر التسنن في التقديم والخلافة، وكان منحرفا عن معاوية، وأنه يتظاهر بذلك ولا يعتذر فيه.
إنتهى كلام ابن طاهر. وقرره الذهبي بقوله: قلت: أما انحرافه عن خصوم علي فظاهر. وأما الشيخان فمعظم لهما بكل حال، فهو شيعي لا رافضي. إنتهى.
قلت: إذا عرفت هذا فكيف يطعن الحاكم في شئ هو رأيه ومذهبه ومن أدلة ما يجنح إليه؟ فإن صح عنه نفي صحة حديث الطائر فلا بد من تأويله بأنه أراد نفي أعلى درجات الصحة، إذ الصحة عند أئمة الحديث درجات سبع، أو أن ذلك وقع منه قبل الإحاطة بطريق الحديث، ثم عرفها بعد ذلك فأخرجه فيما جعله مستدركا على الصحيحين.
والثاني: إن إخراجه في المستدرك دليل صحته عنده، فلا يصح نفي الصحة عنه إلا بالتأويل المذكور.
وعلى كل حال فقدح الحاكم في الحديث لا يتم.