فقال الشيخ أيده الله (1): هذا الذي اعترضت به ساقط، وذلك أن محبة الله تعالى ليست ميل الطباع وإنما هي الثواب، كما أن بغضه وغضبه ليستا باهتياج الطباع وإنما هما العقاب. ولفظ أفعل في أحب وأبغض لا يتوجه إلا ومعناهما من الثواب والعقاب، ولا معنى على هذا الأصل لقول من زعم أن أحب الخلق إلى الله يأكل مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توجه إلى محبة الأكل والمبالغة في ذلك بلفظ أفعل، لأنه يخرج اللفظ مما ذكرناه من الثواب إلى ميل الطباع، وذلك محال في صفة الله تعالى " (2).
10 - قوله: "... بأحب خلقك إليك وأوجههم عندك... " عن (كتاب الطير) قال الحافظ أبو بكر ابن مردويه: " نا فهد بن إبراهيم البصري قال: نا محمد بن زكريا قال: نا العباس بن بكار الضبي قال: نا عبد الله ابن المثنى الأنصاري، عن عمه ثمامة بن عبد الله، عن أنس بن مالك:
إن أم سلمة صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طيرا أو أضباعا فبعثت به إليه، فلما وضع بين يديه قال: اللهم جئني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر، فجاء علي بن أبي طالب فقال له أنس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم على حاجة، واجتهد النبي في الدعاء وقال: اللهم جئني بأحب خلقك إليك وأوجههم عندك. فجاء علي، فقال له أنس: إن رسول الله على حاجة. قال أنس: فرفع علي يده فوكز على صدري ثم دخل. فلما نظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قام قائما فضمه إليه وقال: يا رب وإلي، يا رب وإلي. ما أبطأ بك يا علي؟ قال: يا رسول الله، قد جئت ثلاثا كل ذلك يردني أنس، فرأيت الغضب في وجه رسول الله وقال: يا أنس ما حملك على