لي الفضيلة بذلك. فجاء علي فرددته وقلت له إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على شغل، فمضى، ثم دعا ثانية فقال لي: استأذن لي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فقلت له: إنه على شغل. ثم عاد ثالثة فاستأذنت له، ودخل، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: قد كنت سألت الله تعالى أن يأتيني بك دفعتين، ولو أبطأت علي الثالثة لأقسمت على الله أن يأتيني بك.
ولو أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سأل الله تعالى أن يأتيه بأحب خلقه إليه في نفسه، وأعظمهم ثوابا عنده، وكانت هذه من أجل الفضائل، لما آثر أنس أن يختص بها قومه، ولولا أن أنسا فهم ذلك من معنى كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما دافع أمير المؤمنين عليه السلام عن الدخول، ليكون ذلك الفضل لرجل من الأنصار، فيحصل له جزء منه " (1).
16 - قول أنس: " فإذا علي فلما أن رأيته حسدته " وجاء في الحديث - فيما رواه ابن مردويه -: " قلت اللهم اجعله رجلا منا حتى نشرف به. قال: فإذا علي، فلما أن رأيته حسدته، فقلت: النبي مشغول، فرجع ". وفي لفظ خبر ابن المغازلي عنه: بينا أنا كذلك إذ دخل علي فقال:
هل من إذن؟ فقلت: لا، ولم يحملني على ذلك إلا الحسد ".
وهذا دليل آخر على أن الأحبية لم تكن في الأكل فقط... بل إنها كانت أحبية جليلة القدر وعظيمة الفخر... توجب الأفضلية التامة والأكرمية الكاملة...