المؤمنين عليه السلام لما سكت عن إظهاره، لكنه منع وجوب الإمامة للأفضل وجوز أن يتولاها المفضول تصحيحا لخلافة المتغلبين عليها... لكن قد أثبتنا في محله أن نصب المفضول لها مع وجود الأفضل غير جائز... فلا يبقى ريب في دلالة حديث الطير على إمامة الإمام وخلافته عن الرسول بلا فصل.
ولنعم ما أفاد السيد المرتضى علم الهدى طاب ثراه في نقض كلام القاضي: " هذان الخبران اللذان ذكرتهما إنما يدلان عندنا على الإمامة، كدلالة المؤاخاة وما جرى مجراها، لأنا قد بينا أن كل شئ دل على التفضيل والتعظيم فهو دلالة على استحقاق أعلى الرتب والمنازل، وإن أولى الناس بالإمامة من كان أفضلهم وأحقهم بأعلى منازل التبجيل والتعظيم، وقد مضى طرف من الكلام في أن المفضول لا يحسن إمامته، وإن ورد من كلامه شئ من ذلك في المستقبل أفسدناه بعون الله " (1).
الفخر الرازي وقال الفخر الرازي - في ذكر أدلة الإمامية على أفضلية الإمام أمير المؤمنين عليه السلام -: " الحجة الثانية: التمسك بخبر الطير، وهو قوله عليه السلام: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل هذا الطير معي. والمحبة من الله تعالى عبارة عن كثرة الثواب والتعظيم ".
فأجاب: " أما الثاني - وهو التمسك بخبر الطير - فالاعتراض عليه أن نقول: قوله عليه السلام: بأحب خلقك. يحتمل أن يكون [المراد منه] أحب خلق الله في جميع الأمور، وأن يكون أحب خلق الله في شئ معين. والدليل على كونه محتملا لهما: أنه يصح تقسيمه إليهما فيقال: إما أن يكون أحب خلق الله في جميع الأمور أو يكون أحب خلق الله في هذا الأمر الواحد، وما به