ثم هذا الذهبي مع تعاديه وما يعزى إليه من النصب ألف في طرقه جزء.
فعلى كل تقدير قول الحاكم: لا يصح. لا بد من تأويله.
ولأنه علل عدم صحته بأمر قد ثبت من غير حديث الطير، وهو: إنه إذا كان أحب الخلق إلى الله كان أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد ثبت أنه أحب الخلق إلى الله من غير حديث الطائر... وإذا ثبت أنه أحب الخلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه أحب الخلق إلى الله سبحانه، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكون الأحب إليه إلا الأحب إلى الله سبحانه، وأنه قد ثبت أنه أحب الخلق إلى الله من أدلة غير حديث الطائر.
فماذا ينكر من دلالة حديث الطير على الأحبية الدالة على الأفضلية، وأنها تجعل هذه الدلالة قادحة في صحة الحديث كما نقل عن الحاكم، ويقرب أن الحافظ أبا عبد الله الحاكم ما أراد إلا الاستدلال على ما يذهب إليه من أفضلية علي، بتعليق الأفضلية على صحة حديث الطير، وقد عرف أنه صحيح، فأراد استنزال الخصم إلى الإقرار بما يذهب إليه الحاكم فقال:
لا يصح، ولو صح لما كان أحد أفضل من علي بعده. وقد تبين صحته عنده وعند خصمه. فيلزم تمام ما أراده من الدليل على مذهبه ".
جواب قوله: الحاكم منسوب إلى التشيع وأما قوله: " مع أن الحاكم منسوب إلى التشيع " ففيه: أنه إن أراد أن بعض المتعصبين نسب الحاكم إلى التشيع وإن لم يكن متشيعا في الواقع، فهذا مسلم، لكن أيش يجدي هذا؟ وإن أراد أن الحاكم متشيع حقا، فهذا باطل، إذ لا يخفى على من كان له أدنى تتبع ونظر في كتب الرجال عدم وجود أي دليل متين وبرهان مبين على تشيع الحاكم، ومن هنا لم يتعرض كثير ممن ترجم له إلى هذه الناحية...