الإمام معصوما، فيكون مجرد النصب دليل العصمة.
الخامس: لقد دلت الآية المباركة: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)، على أن جملة أفعال النبي صلى الله عليه وآله هي من جانب الله عز وجل، وعلى هذا يمكن أن يقال بكون الناصب للتبليغ هو الله عز وجل نفسه، ولما كان هذا النصب عين النصب للإمامة والخلافة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهي لا تثبت إلا للمعصوم، فالنصب الإلهي للتبليغ كاشف عن اتصاف المنصوب له بالعصمة.
وبما ذكرتا يظهر الجواب عن قوله: " وعصمته لا تثبت بمجرد خبره، قبل أن يعلم عصمته، فإنه دور " إذ لا توقف لثبوت عصمته على خبره، لكن يمكن إثبات عصمته بخبره أيضا، لأن خبره ليس مجردا بل مقرون بالمعجزات الباهرة المتواترة الموجبة للعلم بالعصمة، فلا دور كذلك.
وأما قوله: " ولا تثبت بالإجماع، فإنه لا إجماع فيها عند الإمامية، وإنما يكون الإجماع حجة لأن فيهم الإمام المعصوم، فيعود الأمر إلى إثبات عصمته بمجرد دعواه " فجوابه: أنه إن أراد نفي الإجماع من أصحاب الضلال فهذا لا يضرنا أبدا، إذ لا حجية لإجماع هؤلاء أصلا، وإن أراد نفي إجماع الإمامية فهذا إنكار للبداهة، لأن الإمامية أجمعين أكتعين قائلون بعصمة هذا الواحد المبلغ عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
ثم إن المراد من هذا المبلغ هو أمير المؤمنين عليه السلام، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم داخل في الإجماع المتحقق على عصمته - وعصمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يرتاب فيها مؤمن، وإن كان لأهل السنة فيها كلام -.
وأيضا: فإن الحسنين عليهما السلام داخلان في الجمعين، وعصمتهما ثابتة بالدلائل القطعية الأخرى غير الإجماع.
وأيضا: في المجمعين سائر أئمة أهل البيت، المعصومون بالأدلة من الكتاب والسنة.