فكان فاسدا وإن زيدا اعتذر إليها، وهو دليل على كونه مسموعا لأن في المجتهدات كان بعضهم يخالف بعضا، وما كان أحدهما يعتذر إلى صاحبه، وفيه بحث، لجواز أن يقال إلحاق الوعيد لكون البيع إلى العطاء هو أجل مجهول. والجواب أنه ثبت من مذهبها جواز البيع إلى العطاء وهو مذهب علي رضي الله عنها فلا يكون كذلك، ولأنها كرهت العقد الثاني حيث قالت: بئسما شريت، مع عرائه عن هذا المعنى، فلا يكون لذلك بل لأنهما تطرقا به إلى الثاني. فإن قيل: القبض غير مذكور في الحديث فيمكن أن يكون الوعيد للتصرف في المبيع قبل قبضه. أجيب بأن تلاوتها آية الربا دليل على أنه للربا لا لعدم القبض ".
وقال جلال الدين الخوارزمي الكرماني في (الكفاية): " ولنا: قول عائشة رضي الله عنها لتلك المرأة، وهو أن امرأة دخلت على عائشة رضي الله تعالى عنها وقالت: إني اشتريت من زيد بن أرقم جارية إلى العطاء بثمان مائة درهم ثم بعتها منه بستمائة. فقالت عائشة: بئس ما شريت وبئس ما اشتريت! أبلغي زيد بن أرقم أن الله تعالى أبطل حجه وجهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب عن هذا. فأتاها زيد بن أرقم معتذرا، فتلت قوله تعالى: فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف.
فهذا الوعيد الشديد دليل على فساد هذا العقد، والحاق هذا الوعيد لهذا الصنع لا يهتدي إليه العقل، إذ شئ من المعاصي دون الكفر لا يبطل شيئا من الطاعات إلا أن يثبت شئ من ذلك بالوحي، فدل على أنها قالته سماعا، واعتذار زيد إليها دليل على ذلك، لأن في المجتهدات كان يخالف بعضهم بعضا وما كان يعتذر أحد إلى صاحبه فيها. ولا يقال: إنما ألحقت الوعيد بن للأجل إلى العطاء. لأنا نقول: إن مذهب عائشة رضي الله عنه جواز البيع إلى العطاء ولأنها قد كرهت العقد الثاني بقولها: بئس ما شريت.
وليس فيه هذا المعنى وإنما ذمت البيع الأول وإن كان جائزا عندها، لأنه صار ذريعة إلى البيع الثاني الذي هو موسوم بالفساد، وهذا كما يقول