الثاني، كالسفر يكون محظورا إذا كان لقطع الطريق وإن كان السفر مباحا في نفسه. فإن قلت: القبض غير مذكور في الحديث فيمكن أن يكون الوعيد للتصرف في المبيع قبل القبض. قلت: تلاوتها آية الربا دليل على أنه للربا لا لعدم القبض ".
وقال ابن الهمام السيواسي في (فتح القدير): " ولنا: قول عائشة رضي الله عنها إلى آخر ما نقله المصنف عن عائشة، يفيد أن المرأة هي التي باعت زيدا بعد أن اشترت منه وحصل له الربح لأن " شريت " معناه " بعت "، قال تعالى: شروه بثمن بخس. أي: باعوه، وهو رواية أبي حنيفة فإنه روى في مسنده عن أبي إسحاق السبيعي عن امرأة أبي السفر أن امرأة قالت لعائشة رضي الله عنها إن زيد بن أرقم باعني جارية بثمانمائة درهم ثم اشتراها مني بستمائة. فقالت: أبلغيه أن الله أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب. ففي هذا أن الذي باع زيد ثم استرد وحصل الربح له، ولكن رواية غير أبي حنيفة من أئمة الحديث عكسه.
روى الإمام أحمد بن حنبل، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن أبي إسحاق السبيعي عن امرأته أنها دخلت على عائشة هي وأم ولد زيد بن أرقم فقالت أم ولد زيد لعائشة: إني بعت من زيد غلاما بثمان مائة درهم نسية واشتريته بستمائة نقدا. فقالت أبلغي زيدا أن قد أبطلت جهادك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن تتوب بئسما شريت وبئسما اشتريت وهذا فيه أن الذي حصل له الربح هي المرأة قال ابن عبد الهادي في " التنقيح ":
هذا إسناد جيد وإن كان الشافعي قال: لا يثبت مثله عن عائشة. وقول الدارقطني في العالية " هي مجهولة لا يحتج بها " فيه نظر، فقد خالفه غير واحد، ولولا أن عند أم المؤمنين علما من رسول الله أن هذا محرم لم تستجز أن تقول مثل هذا الكلام بالاجتهاد. وقال غيره: هذا مما لا يدرك بالرأي.
والمراد بالعالية امرأة أبي إسحاق السبيعي التي ذكر أنها دخلت مع أم ولد على عائشة.